هو في قوافلنا الحداءْ هو في جحافلنا اللواءْ بأقلَّ من ناي وأغنية يسوق العاشقين إلى البكاءْ أبدا زجاجة صوته المكسور تجرحه فيطلع من وراء الجرح.. يوقد شهوة الجمهور للتصفيق.. يوقدها بطلّته ويلهبها ببعض الانحناءْ ويشعّ مبتسما.. حييًّا من تدفُّق وجهه في الحاضرين..مشرّد الرؤيا.. فروسيَّ البهاءْ ويذوب في طقس الغناءْ : لا شيء أجمل من يديه تحلّقان وترسمان العشق كونا في الهواءْ لا تحسَبوا خلف ابتسامته حدائق (بابل) الغنّاء تبتكر المسرّة والهناءْ بعض ابتسامته طلاءْ! ضاحٍ على الزفرات يشوي روحه نغما وحين تشيع رائحة الشواءْ في قصرِ فتنته يضيِّفنا ويهبط من أعالي القصر..يهبط نحو كوخ من توجُّعه يقصِّبه الشقاءْ تكفيه ذكرى من نسيج الأمس تزفر في إناء الروح باكية لينفجر الإناءْ! *** كان يدلك الآهات بالبسمات كي تغفو فجيعته على خدر العزاء وبحيرتان: جراحه وصداحه .. تتمازجان بنا هوىً وترنِّحان على ضفافهما، المساء هو ذاك.. موجُ نزيفه وردٌ.. ونحن على ضفاف الورد أضياف الرحيق نسيل كالألحان في عسل التآلف والإخاءْ هو ذاك يغزلُنا على شفتيه أنغاما ويطلق صوته عبر الجوارح عاريا عري النقاءْ هو ذاك يدخل مهجة العشَّاق سكِّينا ويبتدئ السباحة في الدماءْ هو ذاك يصنع من مدامعنا ثريَّات السماءْ حتى إذا لم يبق من أشجار صرخته الطويلة غير قرقعة اللحاءْ رحنا نرمّم بالنحيب الداخليّ تعثّر الأنغام في فمه فتمتلئ الفراغات العميقة بالرثاءْ أنغامه هزمته فاندلقتْ سريرته على الجمهور وانكشف الغطاءْ : متلبّسا بالدمع والزفرات أبصرناه.. كان يدلِّل الكلمات بالنغمات كي يخفي ملامح حزنِه في اللحن.. كان يدلِّك الآهات بالبسمات كي تغفو فجيعته على خدر العزاءْ وبحيرتان: جراحه وصداحه..تتمازجان بنا هوًى وترنِّحان على ضفافهما، المساءْ من أجمل الشرفات في شفتيه راح يطيِّر الألحان في آفاق لوعتنا.. ومن شبَّاك نغمته أعاد الذكريات من الفناءْ فتفتّحت في اللحن أيَّام لنا عبرتْ، وفاح العهد، وانتفض الوفاءْ رحماك يا بطل العواطف والجراح الداخليَّة.. يا ضحيَّة حزننا في الأرض يا أيقونة البطل/الضحيَّة.. هل تبقّى في نشيدك ما يُعرِّي الروح من تجعيدها ويزيح عن إكسيرها هذا الرداءْ ؟! رحماك يا هذا المغنِّي..ها هنا أعمارنا صدئت فكُنْ مصفاة هذا الوقت واغسلْ هذه الأعمار بالنغم المقطَّر من أحاسيس الصفاءْ