التشابه في الألحان وارد بشكل كبير إذا كانت من مقام "الصبا" أو "الحجاز" وإن كان الصبا هو الأكثر عرضة لمثل هذا التشابه والذي يعتقده البعض اقتباساً. الفنان مزعل فرحان منذ أن ظهر في الساحة الفنية وهو يقدم أعمالاً ناجحة انتشرت بين الجماهير, لكن إذا تأملنا مجمل مشواره فسنجده قد استهلك مقامي "الصبا والحجاز" الأمر الذي جعل هذين المقامين مرتبطين باسم مزعل بحيث لو جاء أي ملحن آخر ونسج ألحانه على "الصبا" لتم اتهامه بالاقتباس عن مزعل فرحان لوجود التشابه, والكلام هنا عن الأغاني الخليجية ذات المذهب الواحد أو المذهب والكوبليه. وأغنية "شي ثاني" للفنان راشد الفارس أتت على مقام الصبا, حتى الكوبليه الأول كان استمرارية لحروف الصبا, صعودا (للري والمي "بيمول") ثم عودة للحروف السابقة إلى الارتكاز, وفي هذه المنطقة تحديداً حصل التشابه بين لحن هذه الأغنية ولحن أغنية "أبي فرصة" لمزعل فرحان. هذا التشابه لا يعني أن ناصر الصالح قد "استلهم" لحنه من أغنية مزعل فرحان, لأن محدودية المقام في الأغنية الشعبية "ضيقة" ولا يمكن الابتكار فيها. الصالح من خلال هذا اللحن نجح في استثمار صوت راشد الفارس, علاوةً على "فخامة" التوزيع الموسيقي وتوصيل الحس في قصيدة "ساري", وربما لا يستطيع أحد فك هيكل اللحن "العظم" عدا من له قدره موسيقية لإزالة "الإكسسوارات" الموسيقية, ونقيض ذلك جاءت أغنية مزعل فرحان على آلة العود والإيقاع وهي واضحة كلحن "عظم" وأساس. من وجهة نظري حتى لو كان هناك تشابه في اللحن فإنه لا يعطي انطباعاً بأن الصالح قد تجاوز حدوده في عدد "الميزورات" ليقتنص عملاً آخر سبق وتم طرحه ليسجل من جديد باسمه. الأنغام "الكلاسيكية" في الخليج العربي دائماً ما تكون عرضة للاقتباس أو كما يُقال "توارد خواطر", والسبب أن جيل اليوم من الملحنين أو المطربين قد تعايشوا مع هذه النغمات وحفظوها, لذا تحدث مثل هذه الأخطاء في تسجيل لحن هو في الأساس كان قديماً, هنا يتفاجأ الملحن بأن هذا العمل "الجديد" سبق وأن سمعه سابقاً من فنان ما, وقد يوقفه قبل نزوله للأسواق. هذا في الحالة العامة.. أما في حالة أغنيتي "شي ثاني" و"أبي فرصة" فإن التشابه كان لمجرد أن اللحنين قد تم تصميمهما على مقام واحد هو الصبا. قضية تشابه الألحان شائكة, خاصة في "الصبا" و"الحجاز", وما نحتاجه هو ثقافة سمعية تسمح بتفنيد البناء الموسيقي بشكله الصحيح.