كأني بعربيد النهود ممزق إذا همَّ بالإقبال لذت بتبعيد اسمع هذه الأبيات لأبي عبدالرحمن في العمر الغزلي من حياته؛ ممّا يدلُّك على أنه الآن قادر على أن يهب شعرًا ولا يستجديه، وهي من نعم الله التي تستوجب الشكر: صَدِئتُ وقد ألْجمتُ لحني وتغريدي كأني نَسيتُ النايَ في حَوْمة الغِيد على أن لي روحًا تشِفُّ لطافةً وإن هُدَّ عمري فالهوى غير مجرود فُطِرتُ على حبِّ الجمال مُهَشَّمًا كما كنتُ في وَقْدِ الصِّبا ذا التواقيد وطرسي بأصداغ الملاح مُمَوْسقٌ ترنَّح فيه الحبُّ عذْبَ التغاريد وهبتُ مِدادي جُلَّ عمري صبابةً تُرَقِّص أشعاري وهمسي وتنهيدي وشيبي صباحٌ من عقود يتيمة تئنُّ بحرمانٍ وصدٍّ وتسهيد كأني بعربيد النهود مُمَزَّق إذا همَّ بالإقبال لذتُ بتبعيد وهل يُعْذلُ المشغوفُ من لوعة الضنى إذا سُلَّت الأهدابُ أو ناصعُ الجيد وفي ضيعة الأوهام هِمْتُ مُخدَّرًا بصوتٍ حنونٍ ذي شجونٍ وتصفيد يجيش بأنَّات الجوى مُتمظهرًا ولم يَشْكُ حرمانًا ولا كَرْبَ مفؤود فصفَّق قلبي في حنايا جوانحي دَهاهُ وِدادٌ ظِلُّه غيرُ ممدود أُعلِّل نفسًا في سراديب ظُلْمةٍ بكذب الأماني أو بأصباغ تجعيد وإني بأسرار الملاحة عالم وما بثَّ مكنونَ الجوى مِثلُ معمود وفي الروضة الغنَّاء كل مرقِّص بدا سجع شاديها لحونًا بتخليد ويبدو أَسارَى الحسنِ أهلَ توقُّدٍ وكم من خليٍّ قد تراه بتبليد هي النفسُ تغدو بالجمال طروبةً إذا بُحَّ من أنغامه وَتَرُ العود فيا ربِّ عفوًا إن تمادتْ صبابتي فما حيلتي في الناعسات الأماليد إذا ما تناسيتُ الهوى وشجونه ثَنَى من عُزوفي صَدْحُ بعضِ الأناشيد (معذبتي) إنجيلهم أو (متيمتي) و(يا ليلُ) فالعشاقُ في ذُلِّ تَعْبيد بلى.. إن لي أصنافَ فنٍّ ومُتْعةٍ وترياقَ مشتاقٍ وتجديدَ توحيد بسبحٍ مع الذِّكر الحكيم مُرتَّلًا تغنَّى به عذْبُ التَّغَنِّي بتجويد فيا نفحة الإيمان قَرِّي بمهجتي ويا عزفة العوَّاد بُوْئي بتفنيدي ويا مَيْعَةَ الحبِّ الذليل تَجَمَّدي ويا صَيْحَةَ الإيقاظ من رَقْدتي زِيدي فليستْ رياضُ الفنِّ رقْصَ خلاعةٍ ولا نَشْرَ أهدابٍ بغمزٍ وترعيد وما الفنُّ إلا نَبْعُ حُسْنٍ مُطهَّر وأمشاجُ فخرٍ أعجزتني بتعديد يموسقها إيقاعُ فُصْحَايَ شاديًا يُفجِّر إبداعًا أصيلًا بتجديد ويأسو جروحًا في تضاعيف أمةٍ تَداعَى عليها فَيْضُ حقدٍ وتنكيد