الانتفاضة الشعبية في مصر، عرت الفساد في مصر، ولكنها أيضاً عرت الفساد في الإعلام العربي، وأبرزت كساحته ففي وقت اتخذت وسائل إعلام الجانب الرسمي، حطمت وسائل أخرى تدعي المهنية والحرية، «الموضوعية» ومارست عملها ب«انحياز حزبي» تام لطرف ضد طرف آخر من الأزمة، تحت ذريعة محاربة الفساد، بينما ما تفعله هو فساد لا يقل عما يفعله أعتى الفاسدين.وقد فضحت قنوات فضائية مملوكة لأشخاص نفسها، وعبرت أما عن «حزبية» مالكيها، أو تحزب العاملين فيها. والحزبية مرض إذا ابتليت بها وسيلة إعلامية، فعليها السلام، مهما استخدمت من الفلاشات البراقة المدغدغة للعواطف.وبرزت في الأزمة وسائل إعلام الطابور الخامس، وهي قنوات وسائل إعلام تنطق بالعربية وتمول بأموال عربية، ولكنها تخدم أحزابا وجهات معادية للأمة العربية أو أحزابا عربية لكنها مصابة بلوثة خاصة تكره كل ما هو عربي. ولا تحارب الأمة، جهراً، ولكن تحت عناوين، مثل العدالة والحرية والديمقراطية. وقد حققت وسائل إعلام عربية معادية لأمريكا والصهيونية خدمة مثالية لأمريكا والصهيونية أكثر مما تحلم به أمريكا من خدمة من قناة الحرةونجد وسائل إعلام تحارب بضراوة تحت هذه العناوين، لكن حينما تتحزب لطرف واحد، فإنها تدمر العدالة والحرية والديمقراطية وتخدع الشعوب وتوجه المتلقين إلى رؤية واحدة وحيدة. وذلك فساد يحتاج إلى «انتفاضة»، فهي أخطر تضليلاً من الإعلام الحكومي الرسمي الذي عادة يمثل وجهة نظر واحدة، لأنها تدغدغ العاطفة الشعبية، وتخدع الشعوب، وتضحك عليها لحسابات حزبية. والذي يمنع وسائل الإعلام هذه من أن تورد رأياً مخالفاً، هو خشية أن يبين الطرف الآخر وجهة نظره، وهذا ما يخالف خطها الحزبي وأهدافها التضليلية. وتوجد وسائل إعلام تطرح نفسها محارباً ضد أمريكا والصهيونية، ولكنها هي الأكثر خدمة لأمريكا والصهيونية، لأنها حزبية بعين واحدة، وحينما تحارب الأمة وتضعف قواها، وتسكر الشعوب بالشعارات، فإنها تخلق جواً من الضعف والانقسام في الأمة العربية، وتشغلها بنفسها، وذلك بالضبط ما يفيد أمريكا والصهيونية. وقد حققت وسائل إعلام عربية معادية لأمريكا والصهيونية خدمة مثالية لأمريكا والصهيونية أكثر مما تحلم به أمريكا من خدمة من قناة الحرة. وتر وجهك وشمس الصباح وشيح ندي.. عطرك والشفق وهاتف المساء وغيمة وتحضر في الأفق.. وخطى تلتف في رياض الصمان، تكتب الحكاية في طيف الزمن.. ومسافات السرى المديدة. [email protected]