بدأ الإسلاميون يهيمنون على الانتخابات في مصر وتونس والمغرب وغداً في ليبيا وسيحتلون موقعاً متقدما في صنعاء، وإن لم يستطيعوا التغلب على سطوة القبيلة في اليمن، وهم في سوريا على وشك أن يثبوا إلى الحكم. والسؤال المهم: من الذي سيحكم هذه البلدان؟ الإسلام أم الإسلاميون؟ فإذا حكم الإسلام الذي نؤمن به ونعرفه بأنه العدالة والحق و«حب لأخيك ما تحب لنفسك».. فإنه لله رضا ولأنفس المؤمنين معزة. لأن الإسلام رسالة ومنهجاً لا يتغير، بينما الإسلاميون، طوائف وشعوبا وقبائل و«أنواعا» تتغير بتغير المصالح والمواقف. وكل حزب يأتي بحججه وأحاديثه وتفسيراته الخاصة لآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. ولو لم يكن الإسلاميون طوائف وأحزاباً متنازعة، متناحرة، لما وجدنا الدماء تسفك باسم الله، ولما وجدنا كل أعمال الشياطين ترتكب باسم الله، أيضاً. الإسلاميون يتغيرون ويتلونون مثل سوائل الأواني المستطرقة. راشد الغنوشي «أمير» حزب النهضة التي ستحكم تونس، في عام 2011 ليس هو راشد الغنوشي عام 1990 حين حشد كل أسلحته لمناصرة صدام حسين ومحاربتنا بشعار محاربة الصهيونية الأمريكية. في 30 نوفمبر الماضي حل راشد الغنوشي الحاكم ضيفاً جليلاً كريماً مهيباً على «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» وهو «غرفة تفكير» موالية لإسرائيل أسستها منظمة «إيباك» جماعة الضغط الشهيرة في واشنطن، التي تتكفل ب«تكييف» السياسيين الأمريكيين وغيرهم وإخضاعهم للمصالح الإسرائيلية. ومن هناك خلع الغنوشي عباءة أمير المؤمنين ولبس بريهة «مارشال مارينز» وأعطى إسرائيل ومواليها كل ما يحبون سماعه من إسلامي، امتلأت فضائيات الدنيا بخطاباته المعادية لواشنطن وإسرائيل، وأمضى ثلاثة أرباع عمره يدعي أنه يحارب إسرائيل. ولكنه قبل أيام كان أمريكيا، «إيباكياً» خالصاً كما لو كان مخيخه مصمما في واشنطن، وكان ألطف على الصهيونية وأكثر محاباة لإسرائيل من محمود أبو مازن، الذي تتهمه طوائف الإسلاميين بأنه باع فلسطين والأقصى. أعلن الغنوشي بما لا يمكن أن يجرؤ على إعلانه أي زعيم عربي موالٍ لواشنطن. قال أمير المؤمنين (سابقاً) أن ليست له علاقة بفلسطين وليس معنياً بقضيتها، وتعهد بأنه لن يكون في الدستور التونسي الجديد أي فقرة تمنع إقامة علاقة مع إسرائيل. وفتح النار على المملكة ودول الخليج. وهو يعلم أن جماعة إسرائيل والمحافظين الجدد الذين يتبعهم المعهد، أشد ما يشتهون استماعه، هذه الأيام، هو الهجوم على المملكة و دول الخليج. ولكن تبدو صفة واحدة للغنوشي لم تتغير هي أنه يحاربنا، حينما كان أميراً للمؤمنين ويحاربنا حينما أصبح أميراً «إيباكياً» مخلصاً. *وتر ليبيا.. يا أنشودة الحزن، وبهجة هانيبعل وذله. يترك الطغاة الأرض يباباً.. وصراخ الثكالى وأنين الجرحى يعانق اشتعالات الحرائق. كي تصبح قرطاج مرة أخرى ملحمة الأوجاع.. وأغنية التاريخ الحزينة.. [email protected]