أكثر شخص يمكن أن يهدد استقرارك النفسي، ذلك الذي تضعه في مكانة اجتماعية عالية في حياتك الشخصية، لكنه لا ينفك عن محاولة إشعارك بالذنب والتقصير.. إذا تناولت هذا الطعم، فحتما سينقلك إلى المرحلة الأكثر شراسة، وهي إشعارك بأنه يتفضل عليك بالصبر والغفران.. هذا المأزق يمكن أن يقع فيه أي إنسان، حتى الأشخاص الأكثر ذكاء وثقة بالنفس.. ذلك أن بعض العلاقات الاجتماعية التي تربط بين البشر تحكمها العواطف، وأصول الأخلاق، ونزاهة القلوب، ولأن البشر غير متكافئين فيها، ينفسح المجال لحدوث حالات استنزاف أو تنمر عاطفي أو أخلاقي.. ولك أن تتخيل أن هذا يحدث حتى في أقدس العلاقات القرابية، يحدث أن تمارسه أحيانا الأم على أبنائها أو أن يمارسه الأبناء على والديهم، وقس عليه كل أنواع العلاقات البشرية والعاطفية. من المهم أن تحرص على فهم، أن كل العطايا والالتزامات الأخلاقية والعاطفية، لا يجب أن تقدم تحت شعور التأنيب الخارجي الذي يحاول المجتمع أو الأفراد أو أي شخص في حياتك أن يجرك له.. كل أنواع الانتقاص أو التأنيب أو الاستنزاف العاطفي التي تهدف إلى استغلالك، لا تأخذ شكلا صريحا وواضحا، ومن هنا يكمن خطرها، فهي تجعلك مذعنا بغير وعي.. وهي تتنكر أحيانا في شكل حجج تبريرية، كالحب أو الخوف عليك أو مسؤولية أنت مدان بها. هناك من يعي فجأة في حياته بعد عمر طويل أو قصير من الاستنزاف النفسي أنه كان ضحية.. من الجيد أن تفهم مبكرا نقاط الابتزاز التي قد يمارسها أي كان في حياتك بأسلوب تضليلي خادع.. مهم أن تفهم ذلك، ليس لتتفادى الاستغلال بل لتستغل بوعي إن اخترت التغاضي.. فالخسائر التي نقدمها في الحياة بوعي لا تكسرنا، بل تشعرنا بالزهو أمام أنفسنا؛ لأننا قدمناها بأخلاقنا وليس بغبائنا.. تهزمنا الخسائر التي كنا نظن أنها مكاسبنا واستثماراتنا في الحياة لكنها أفلستنا.