تخجل "أم تركي" من الظهور للمجتمع بعد تورط اثنين من أبنائها في جماعات التطرف الفكري والارهاب، خاصةً وأن الأهل والأقارب يلقون باللوم عليها في عدم رعاية أبنائها والكشف عن توجهاتهم، على الرغم من حرصها على تربيتهم بأفضل صورة كانت، وأن تكون لهم الأم والأب، في ظل غياب والدهم طوال العام وانشغاله بالسفر وعدم تواجده بالمنزل فترة طويلة، إذا علمنا أن الأوقات التي يتواجد بها يُفضل البقاء في مجلسه لاستقبال رفاقه أو العزلة في غرفة النوم!. نماذج كثيرة مشابهة لحالة "أم تركي"، فهناك من الأبناء من انخرط في المخدرات والبعض في قضايا نصب وآخرون ربما فضلوا المكوث في الشارع عن البقاء في المنزل، والسبب يعود إلى غياب عمود المنزل لساعات طوال دون الالتفات للأبناء في أهم مرحلة عمرية لهم، ليُصبح غياب الأب في ظل الأحوال العامة وما يعصف بالأسرة من مشاكل اجتماعية واقتصادية أمر خطير وحسّاس، ليس فقط على كيان الأسرة الظاهري، بل فيما يُحدثه من آثار سلبية في نمو أفرادها وتطور شخصياتهم. وينبغي على كل أب أن يُدرك أن الاستثمار الحقيقي يكون في بناء كيان أسري سليم يتمتع بصحة نفسية سوية، وكذلك استقرار عاطفي ووجداني، وفي تنشئة الأبناء التنشئة الاجتماعية والأخلاقية السليمة، وليس الاستثمار المالي، فالمطالب المادية للأسرة لا يمكن أن تكون بديلاً عن المطالب النفسية والجوانب التربوية، وإن كان ولابد من الغياب لظروف قاهرة فالأفضل دعم الأم وتعزيز موقعها في خارطة البناء الأسري والتربوي، وكذلك حث الأبناء على احترامها وطاعتها وإعطاؤها حقوقها ومكانتها. "الرياض" تطرح ملف غياب الأب عن المنزل وتسرد بعض القصص والمواقف من داخل المنازل، إلى جانب آراء المختصين حول تبعات هذا الغياب غير المبرر. ناصح وصديق في البداية قال الشاب "رياض الغامدي" -طالب في المرحلة الثانوية- وجود والدي بجانبي وصداقته لي جعلتني أميز العديد من الأمور، خاصةً وأنه يتبع سياسة الحوار معي حتى في أخطائي، كما أني أرى العديد من زملائي يرتعدون خوفاً من أي موضوع يتعلق بهم، بل ويحاولون إخفائه عن أولياء أمورهم؛ بسبب تعنتهم وعدم تفههم لظروف الخطأ أو لوجود فجوة كبيرة بين الشاب ووالده، مضيفاً أن هناك شخصاً من زملائه في المدرسة بدأ يتعاطى "السجائر" في المرحلة المتوسطة ولم يلاحظ ذلك والده؛ لانشغاله الدائم الذي قد يمتد إلى أيام، وكذلك وفاة والدته -رحمها الله-. المطالب المادية لا يمكن أن تكون بديلاً للجوانب النفسية والتربوية.. ادعموا الأمهات في غيابكم وأوضحت السيدة "رزين البصير" -موظفة حكومية وأم لشابين وفتاة- أن وجود الأب من أهم الأمور في حياة الأبناء وفي جميع المراحل، حتى بعد الزواج، فالحاجة للوالدين خاصةً الأب تتفاقم كلّما كبر الابن، مضيفةً أنهم بحاجة إلى ناصح مخلص وصديق وفي وكاتم للسر ومقوّم للخطأ، وكذلك بحاجة إلى ظهر وسند واحتواء، وكل هذا لن يقدمه إلاّ الأب الواعي، مبينةً أنه بعدما فقدت زوجها قبل ستة أعوام فقدت أهم عمود في المنزل يرتكز عليه أمانه واستقراره، وأصبح واجب عليها أن تكون الأم والأب والمقوّم والصديق، مؤكدةً على أن المسؤوليات زادت، لكن مهما حاولت واجتهدت يظل هناك فجوة لا يمكن ردمها، مُتعجبةً من الآباء الذين هم على قيد الحياة ويتعمدون الهروب من أبنائهم وبناتهم لتخفيف المسؤولية عن أنفسهم، متجاهلين أنهم مسؤولون عن رعيتهم أمام الله عز وجل. مسألة خطيرة وأكد الشاب "مراد" -طالب في المرحلة الجامعية- على أنه ينتظر لحظة تخرجه من الجامعة لينتقل إلى العمل خارج مدينته بعيداً عن منزل أسرته المفكك، والذي لا تجمعه بهم إلاّ أسوار مصمتة وجدران وضعت بداخل كل فرد منهم حاجز لا يمكن زحزحته، مضيفاً أن الدفء غاب بغياب والده الذي لم يكتف بعدم حضوره جسدياً، بل تبعه بغياب الحوار والمنطق، فهو لا يذكر أي لغة حوار دارت بينه وبين والده، أو حضوره لحفل مجلس الآباء عندما كان في التعليم العام وذلك بسبب انشغاله الدائم. ورأى الشاب "خالد الغامدي" أن قضية غياب الأب عن المنزل أو رب الأسرة ومكوثه لساعاتٍ طوالٍ بعيداً عن أبنائه مسألة خطيرة ولها أثر كبير في فقدان السيطرة الأبوية؛ لأن قوة سلطة الأب تقي الأسرة من المشكلات التربوية الأسرية، متسائلاً: كيف نجمع بين فقدان السيطرة الأبوية وبين تواجد بعض الآباء مع أبنائهم جل أوقاتهم في المنزل؟، مضيفاً أن وجود الأب في المنزل مع الأبناء ليس مطلباً في ذاته، بل يجب عليه أن يعرف ماذا يجب عليه أن يفعل أو لا يفعل في حال تواجده في المنزل؟، متسائلاً: ما فائدة تواجد الأب في المنزل إذا كان يفرّط في تدليل الأبناء ويحرمهم من توجيهاته التربوية والتأديبية؟، وما فائدة تواجد الأب إذا كان لا يعدل بين أبنائه ويفضل بعضهم على بعض؟، وما فائدته إذا كان يتعامل مع أبنائه بالقسوة والعنف، ولا يتحدث معهم، ولا يقبلهم؟. الأب الناجح هو من يُفضل تربية أبنائه على الانشغال عنهم وقالت "جميلة العمري" -طالبة جامعية-: إن تصرفات الشباب والفتيات غير المحسوبة نابعة من مشاكل غياب أحد الوالدين، التي تترك فجوة كبيرة في حياتهم، مضيفةً أن غياب أحد الوالدين لا يمكن تعويضه من خلال أي شخص، مُشددةً على ضرورة وعي الوالدين بأنهما سيحصدان ما يزرعانه، مبينةً أنه بسبب غياب والدها وإهماله لها تعلقت كثيراً بخالها والذي كان يحاول توفير كل ما تحتاجه، وبالتالي أصبحت تشعر أنه والدها، والذي لم يعد يشكل وجوده وغيابه أية مشاعر، ولطالما تمنت أن يكون خالها هو والدها الحقيقي. تحولات اجتماعية وتحدث "خالد الدوس" -باحث اجتماعي- قائلاً: إن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها مجتمعنا السعودي اليوم نتيجة التحديث والمعاصرة، حيث ألقت بظلالها على واقع البناء الأسري ووظائفه، وفي كثير من الاتجاهات السلوكية والتربوية والقيمية، مضيفاً أنه من هذه المتغيرات وإرهاصاتها التي أثرت على الكيان الأسري وعلى استقراره وتوازنه النفسي والاجتماعي والعاطفي والوجداني ما تعانيه بعض الأسر من غياب الأب لوقت طويل، مبيناً أن غياب الأب يأخذ عدة أشكال ومظاهر، قد يكون بسبب الطلاق، أو المرض، أو عمل الأب لمدة طويلة، حيث يخرج من الصباح ويعود في ساعات متأخرة من المساء، وبالتالي يكون غير متفرغ لأبنائه والجلوس معهم، وكذلك إشباع حاجاتهم النفسية والعاطفية والاجتماعية، مشيراً إلى أن من مظاهر غياب الأب زواجه من أخرى وإقامته معها بعيداً عن الأسرة الأولى، ذاكراً أن الأب يحتل مكانة خاصة ومهمة في الخارطة المنزلية، ويلعب دوراً محورياً ومفصلياً في تماسك النسيج الأسري وضبط توازنه، لذلك لم يُطلق على الأب لقب رب الأسرة من فراغ، بل لأن وجوده يُشكّل صمام الأمان الذي يحفظ هوية الأسرة من الضياع والتفكك ويتيح للأبناء الاقتداء به، والسير على منهجه التربوي السليم، وكذلك يعطيهم الإحساس بالأمن والأمان وتحقيق الاستقرار الوجداني والنفسي، الاجتماعي والأسري. خالد الدوس وأضاف: غياب العنصر الأهم داخل النسق الأسري -الأب- له آثار ومضار وتداعيات سلبية، ربما تهدد الكيان المنزلي إذا اتسعت دائرتها المظلمة، كحرمان الأبناء وبالذات الأطفال من مناخ الحُب والعطف والحنان الصحي، وقد يؤدي غياب الأب المستمر إلى جنوح وانحراف الأبناء أخلاقياً وسلوكياً، خاصةً مع وجود عوامل مؤثرة، وبيئة جاذبة للسلوك الخارج عن قواعد الضبط الأخلاقي والاجتماعي والقيمي، كالمواقع الالكترونية المشبوهة وشبكات التواصل الاجتماعية، وكذلك القنوات الفضائية خاصةً تلك الهابطة التي تستهدف هدم القيم والأخلاق والمعايير الاجتماعية. تفكك أسري وأوضح "الدوس" أن من سلبيات غياب الأب التأثير في نمو الطفل، وعلى بناء ثقافته، وتشكيل شخصيته النفسية والاجتماعية، ويمتد تأثير ذلك الغياب على التحصيل الدراسي وإخفاقه التعليمي، وأيضاً على مستوى التنشئة الاجتماعية والأخلاقية والعقلية والإيمانية، وقد يكون هذا الغياب المستمر أحد الأسباب الرئيسة للتفكك الأسري وخلخلت توازنه النفسي والعاطفي والاجتماعي. وحول مدى تأثير غياب الأب الأكبر على الفتاة أو الشاب أكد على أن الشاب دائماً يميل إلى الأب، والفتاة بحكم خصائصها الأنثوية تميل للأم، مبيناً أنه تشير إحدى الدراسات في علم النفس الاجتماعي أن الطفل الذكر -على وجه الخصوص- يحتاج إلى وجود الأب منذ سن ثلاث أعوام؛ لأنه يُعد صلة الوصل بينه وبين العالم الخارجي، حتى يبدأ في التكيف الاجتماعي وفي تفاعله في بيئته الاجتماعية الخارجية التي تُعزز من اكتسابه المهارات الاجتماعية، وهذا الاتجاه السلوكي الإيجابي له دور مؤثر في تكوين شخصية الطفل الاجتماعية والنفسية والفكرية والوجدانية، ذاكراً أن غياب الصورة الحقيقة للأب قد يدفع الطفل إلى أن يبحث عنها في الشارع من خلال مصاحبته مراهقين أكبر منه سناً والاقتداء بسلوكهم المنحرف، أو يتعلم منهم تصرفات وأخلاقيات تتنافي مع معايير الضبط الاجتماعي والقيمي والديني، لافتاً إلى أنه كشفت دراسة نفسية متخصصة أن غياب الأب قد يزيد من القلق النفسي والاضطراب العاطفي، كما أن هناك ارتباطاً بينه وبين بعض حالات الانتحار والشعور بخيبة الأمل بوجه عام. توازن ووسطية وأشار "الدوس" إلى أن غياب الأب يؤثر بالتأكيد في العلاقة الزوجية، وربما يتسبب في حدوث خلافات ومنازعات وشقاق، نتيجة غياب الزوج المتكرر أو المستمر، وهذا تأثيره قد يلقي بظلاله سلبياً على نفسية الأبناء وعلى الاستقرار المنزلي، وربما تعيش الأسرة فراغاً عاطفياً، أو ما يسميه علماء الاجتماع ب"الخرس العاطفي" أو "الطلاق الصامت"، الذي يُعد أخطر من الطلاق الطبيعي؛ لأنه يصيب الحياة الزوجية بسكتة في قلب المشاعر العاطفية، ذاكراً أنه فيما يخص كيفية تعويض الأب ساعات غيابه عن منزله فإنه ينبغي على كل أب أن يدرك وبوعي أن الاستثمار الحقيقي يكون في بناء كيان أسري سليم يتمتع بصحة نفسية سوية، وكذلك استقرار عاطفي ووجداني، وفي تنشئة الأبناء التنشئة الاجتماعية والأخلاقية السليمة، وليس الاستثمار المالي الذي كان من أسباب غياب بعض الآباء عن المنزل، مؤكداً على أن المطالب المادية للأسرة لا يمكن أن تكون بديلاً عن المطالب النفسية والجوانب التربوية، وكذلك مدى الفراغ السلبي الذي يتركه هؤلاء الآباء بغيابهم المستمر على الأبناء، وما يتسبب ذلك في خلق "تشوهات" نفسية وعاطفية واجتماعية عند أفراد الأسرة، مبيناً أنه ما أروع قاعدة التوازن والوسطية والاعتدالية في كل شيء. دعم الأم وشدّد "الدوس" على ضرورة دعم الأب المضطر للغياب الطويل عن شؤون منزله مكانة الأم، وكذلك تعزيز موقعها في خارطة البناء الأسري والتربوي، إضافةً إلى حث الأبناء على احترامها وطاعتها وإعطائها حقوقها ومكانتها، خاصةً وأن هناك -مع الأسف- أمهات تحملن زمام المسؤوليات وعشن صراع الأدوار ما بين الأب والأم داخل النسيج المنزلي، في ظل غياب الأب المستمر دون أن حصولهن على حقوقهن المادية والأدبية واحترام كيانهن ومشاعرهن، مما جعل بعضهن يشعر بالحرمان والتهميش والمرارة والإحباط، فأصبح واقع هذه الأسرة التفكك والانهيار وجدانياً ونفسياً، مشيراً إلى أنه ينبغي على كل أم واعية ومبصرة تحمل تباعات غياب الأب المضطر، وتسخير طاقاتها وقدراتها لتربية أطفالها وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية والأخلاقية والنفسية والإيمانية السليمة، مع أداء مسؤوليات الأب الغائب بقدر المستطاع. img src="http://s.alriyadh.com/2014/10/31/img/157175332540.jpg" title=" أجيال توارثت قيمة "عمود البيت" حين يكون حاضراً للتربية والتعليم "أرشيف الرياض""/ أجيال توارثت قيمة "عمود البيت" حين يكون حاضراً للتربية والتعليم "أرشيف الرياض" انشغال الأب وعدم بقائه في المنزل يؤثران سلبياً على الأبناء رسالة إلى الأب: انتبه من موسم الحصاد! أبو فراس: ألو أم فراس جهزي "شنطتي" حق شهر. أم فراس: كالعادة مسافر؟! أبو فراس: أيه عندك مانع؟ أم فراس: واختبارات العيال والعيد اللي بعد أسبوعين؟ أبو فراس: ما عليّ منك، ولا من عيالك، عندك "التجوري" خذي منه اللي تبغين، واتركيني بحالي! أم فراس: بيجيك يوم تندم فيه صدقني! أبو فراس: وقتها إذا طلبت منك تواسيني اطرديني ههههه! اهتم "أبو فراس" بعمله ونزواته، ونسي أن يسأل عن أبنائه أو أن يعرف في أي مرحلة دراسية هم، أو أن يعي خطورة غيابه المستمرة، نزاعات مستمرة بينه وبين زوجته التي فقدت الأمل وتعلمت أن تكون الأب قبل الأم لأبنائها، ونجحت في أن تحافظ عليهم من منزلقات السوء، حتى اعتاد الأبناء غياب والدهم المستمر منذ أربعين عاماً، مضت السنون متسارعة لاستباق الحدث، فذاك الأب أصابه من أمراض الشيخوخة ما أوقعه على فراش المرض والحاجة، مد يديه طلباً للمساعدة، لكن كانت يد موظفي دار المسنين أقرب له!. نظر إليهم البعض بنظرة الجحود والعقوق، وعلم هو بداخله أنه حان موسم الحصاد لما غرس طوال عقوده السبعة، أدوار تتبادل مع مضي الزمن، مما يتطلب على كل أب وأم أن يحسنوا رعاية البذور التي يزرعونها في داخل أبنائهم، فهم نعمة الله عليهم، وهم من سيحصد مازرعوه، فمن أحسن زراعته سيجني ثمراً طيباً، ومن أساء رعاية بذوره سيحصد العلقم. لن تتطور شخصية طفلك في غيابك أشارت معظم دراسات علم النفس إلى وجود أثر سلبي لغياب الأب في تطور شخصية الطفل، ويظهر لنا هذا الأثر السلبي على هيئة نمو غير طبيعي لقدرات الفرد الرجولية والجنسية والاجتماعية والفكرية وعاداته السلوكية اليومية، وبهذا من المفيد أن يكرس الآباء أقصى ما يستطيعون من وقتهم للتواجد في المنزل والتفاعل البناء مع أطفالهم. أمّا الأسر المغلوبة على أمرها، والتي غاب عنها الأب نتيجة حرب أو موت أو تسلط خارجي أو غير ذلك من أسباب لا إرادية، فيجب على أفرادها التعاون والمحبة والتفهم لعلاقاتهم ومسؤولياتهم الاجتماعية والحياتية. والأم المتبصرة الواعية القادرة على تسخير كل الطاقات لتربية أطفالها إيجابياً، تأخذ على عاتقها مسؤوليات الأب والأم معاً بقليل من التعارض أو التناقض، فهي تملك ميولاً إيجابية نحو غياب الأب، وتشجع باستمرار السلوك والصفات الرجولية في أطفالها، مثل هذه الأم قادرة على تعويض أطفالها غياب والدهم، وكذلك تزويدهم بسبل التكيف الغنية والنمو الكامل لشخصياتهم بدونه إن اقتضى الأمر. وأكدت بحوث في أسرار الطاقة أن هناك سلبيات خطيرة في غياب الآباء عن أبنائهم وهي؛ ضعف الجانب العاطفي الأبوي، فانعدام المشاعر الأبوية تجاه الأبناء يؤدي إلى انعدام الحنان والمحبة بين الطرفين، وكذلك حدوث حالات نفسية مكتئبة لدى الأبناء، فقد تحدث بعض الاضطرابات في حياة الطفل، ويتجلى ذلك في مشاعر الخوف والقلق التي تنتابه بين الحين والآخر، لاسيما أثناء النوم، أو بشكل أعراض نفسية جسدية (قضم الأظافر، تبول لا إرادي، عدم التركيز، كثرة النسيان، الميل للعزلة)، وكذلك شلل الهيكل التربوي نتيجة لغياب الأب المستمر، فتضعف الجوانب العلمية والفكرية والثقافية لدى الأبناء، لتتحمل الأم العبء الأكبر من مسؤولية تربية الأبناء في جميع الجوانب. غيابك يُخلّف مجرماً صغيراً إهمال الأب قد يوقع الابن في الجريمة أظهرت الدراسات التي أجراها مركز أبحاث مكافحة الجريمة عن الخصائص الاجتماعية والأسرية والاقتصادية وعلاقتها بنوع الجريمة، وذلك على نزلاء السجون من غير مرتكبي جرائم المخدرات بالمملكة، حيث تم اختيار عينة من بين (8283) سجيناً وهو العدد الكلي للمساجين في زمن الدراسة، وتم اختيار (339) سجيناً بطريقة عشوائية البحث، وكان من أهم نتائجها أن (34%) منهم يعانون من غياب الأب بالوفاة، و(35.3%) منهم كان آباؤهم متزوجين بأكثر من واحدة، وأن سبب انحرافهم يعود إلى التفكك الأسري سواء كان مادياً بسبب غياب أحد الوالدين أو كليهما، أو كان معنوياً سببه انشغال رب الأسرة وانشغال أفراد الأسرة عن بعضهم البعض. والتفكك الأسري عامل يُسهم في زيادة معدل ارتكاب الجريمة في المجتمع، كما أنه من أهم أسباب تعاطي المخدرات، وكذلك بروز التنشئة الأسرية غير السوية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتكوين الشخصية المضطربة، فالتسلط والحماية الزائدة والإهمال والتدليل وكذلك إثارة الألم النفسي أو التحقير والقسوة والتذبذب والتفرقة في المعاملة بين الأبناء، إضافةً إلى افتقاد الحب والمودة والتفاعل الأسري الإيجابي، تعد عوامل مساعدة إلى لجوء الأبناء إلى المخدرات كوسيلة مضمونة للتعبير عن رفض الآباء ولمعاييرهم ولطرق معيشتهم. #هشتقة