في كل قضية تبرز على الساحة، تتعزز نظرية الميول، وتحضر لعبة المؤامرة، وتتكرر قصة (مع وضد) من قبل الأسماء المعروفة بالحرف أو الصوت في الإعلام المكتوب والمقروء والمرئي والمسموع، دون أي انفتاح، أو دراسة لواقع القضية، فالجميع يتحد أو يبتعد حسب نقطة الخلاف الرئيسة وهي الميول. هل من المعقول أن يكون الإعلام في الورق والفضاء، موحدا في كل القضايا، بمعنى أن الأطروحات والآراء عند (جروب) معين لا تتغير في كل القضايا إما مع أو ضد، والعكس صحيح لدى (جروب) آخر بنفس الطريقة والسيناريو؟! حتى وصلنا لدرجة أن المتلقي أصبح يعرف رأي وموقف أي إعلامي قبل أن يتحدث أو يكتب أو يتخذ أي قرار في كل قضية مستجدة تطرح على الساحة، بل أصبحت المواقف لرجال الإعلام محفوظة عن ظهر قلب للجماهير. أزمة حقيقية يعاني منها الإعلام، إذا أستمرأ لعبة الميول، فيما يطرح من قضايا وشكاوى ومستجدات وأزمات، فالمسألة خطيرة جدا، إذا وصلت القناعة لدى المتلقي بأن (س) معروف موقفه في كل قضية جدلية في مشهدنا الرياضي، ومثله (ص) عطفا على ميوله، وربما حبه وكرهه للون معين، أو حتى شخص بعينه. والحقيقة المرة أن المتلقي معه حق في هذه الشكوك، فليس من المعقول أن تكون مواقف أي إعلامي في كل القضايا، أو شخص ما، هي هي في الصواب والخطأ، حتى لو كانت المؤشرات الدامغة تؤكد صحة موقف هذا أو ذاك، لكن لحاجة في نفس يعقوب يبقى الموقف السلبي هو هو. وبصراحة أكثر.. كنت أمني النفس يوما ما بأن أرى خليطا من الإعلاميين متفقين على قضية شائكة تخص المجتمع، بدافع الحقيقة مع توافر الأدلة، لكنني كنت أحلم على ما يبدو، والواضح أن الأمر لا يعدو كونه (كل يغني على ليلاه)، بل تعدى إلى مبدأ «عدو صديقي عدوي وصديق صديقي (صديقي)» بغض النظر عن الحقائق والأدلة واللائحة والمنطق. ما يجعل المتلقي يصل لحد الغثيان، أنه لا يحتاج لقراءة ما بين السطور، فكل شيء عنده واضح وفاضح، ولا يحتاج للياقة الذهنية ليكتشف ما هو مسير ومخير في إعلامنا، فكل الطرق تؤدي إلى معالجة قضيانا عن طريق لغة الميول ولا شيء غير ذلك..!! نحلم.. إذا أردنا الموضوعية في المشهد الإعلامي، هكذا يرى المتلقي ساحتنا.. فمَنْ الممانع لهذا الطرح؟.