فيما رحبت الرئاسة المصرية بزيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للبلاد ووصفتها بالمهمة جدا، شدد خبراء سعوديون ومصريون في الشأن السياسي والأمني على أن زيارة سمو ولي العهد إلى القاهرة ولقاءه الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي في مرحلة هامة يمر بها الوطن العربي خصوصا في ظل ما تشهده القضايا المصيرية من تطورات بالغة الدقة. وأشاروا إلى أن القمة «السعودية-المصرية» ستركز على القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب ووقف تمدد الدول الراعية له مثل نظامي إيرانوقطر، لافتين في حديثهم ل«اليوم» إلى أن المباحثات ستتناول الأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا، إضافة إلى التطورات في القضية الفلسطينية، وتحضيرات القمة العربية المقررة نهاية الشهر الجاري في الرياض. أهمية الزيارة وأوضح الخبير في الشؤون السياسية، د.مطلق المطيري، أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان تعد الأولى إلى جمهورية مصر العربية، لافتًا إلى أنها تعد مؤشرًا يشدد على أهمية مصر الشقيقة للمملكة، وأشار إلى أن الزيارة تبرهن بصورة جلية على تقدير سمو ولي العهد للقاهرة والمحيط العربي. وقال الخبير السياسي: «نلحظ أن القيادة السعودية تتحرك وفق اعتبارات التاريخ والوجود والهوية، فالمملكة لم تنفصل على مر تاريخها عن محيطها العربي بالرغم من محاولات كثيرة سعت لتحقيق شرخ يباعد بينها وأشقائها العرب»، وأضاف «صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قائد استثنائي وجاء في مرحلة استثنائية تمتلئ بتحديات كثيرة والقليل من الفرص بسبب الظروف المتغيرة بالمنطقة». وأشار المطيري إلى أن هناك العديد من المكاسب الحقيقية التي سيجنيها العالم العربي والإسلامي من جولة سمو ولي العهد والتي لن تقف على المملكة بل ستتجاوزها للمصلحة العامة. تحديات الأمة من جهته، أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، د. حسين آل درع، أن الزيارة تجسد أهمية مصر في محيطها العربي والدولي، وهي تكتسب أهميتها في وقت تواجه فيه الأمة عدة تحديات متمثلة في محاربة الإرهاب، ومعالجة الاهتزازات بالمنطقة، وتوقع أن تبحث الزيارة العديد من الملفات المهمة بين الرياضوالقاهرة في إطار التنسيق المتواصل بين العاصمتين في كثير من القضايا الراهنة. وقال آل درع: «إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة ستكون لها فوائد تصب في مصلحة العرب، حينما تناقش آخر الملفات التي تتعلق بحالة الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي في كثير من البلاد العربية». وفي السياق، شدد عضو مجلس الشورى، د. محمد آل ناجي، على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد، يقودان المملكة نحو آفاق عالية تعزز مكانتها السياسية والاقتصادية بخطط مدروسة وبمنهجية سياسية عميقة في كل مجالاتها، وقال: «تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى مصر في اطار الأهمية الإقليمية والدولية لدور البلدين في قضايا المنطقة وفي مقدمتها قضية فلسطين ومحاربة الإرهاب، لاسيما وان الدولتين من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب وتنظيماته». تنسيق دائم وبين آل ناجي في معرض حديثه ل «اليوم»، أن التنسيق والتشاور الدائم بين قيادتي البلدين هو ما يميز العلاقات السعودية المصرية على مر العقود الماضية، ما كان له الأثر والداعم الأساسي لاستقرار المنطقة في ظل ما مرت وتمر به من اضطرابات وتدخلات خارجية ومؤامرات سواء قبل ما يسمى بالربيع العربي حتى وقتنا الحاضر. وأضاف: لعل العالم يترقب عن كثب ما ستسفر عنه نتائج الجولات التي سيقوم بها سمو ولي العهد خلال الفترة المقبلة؛ كون الملفات التي يحملها سموه كبيرة وتعتبر من الملفات الشائكة في المنطقة، كما أن هذه الزيارات لن تقف عند جمهورية مصر العربية وإنما هناك العديد من الدول الأخرى التي سيتم من خلالها مناقشة أهم الملفات التي تهم المنطقة. القضايا الملتهبة ومن القاهرة، شدد وزير الخارجية المصري السابق، محمد العرابي، على أهمية زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر وسط مشهد عربي ملتبس يعج بعدد من القضايا الملتهبة، متوقعًا أن تركز القمة السعودية- المصرية على بحث الملفات الإقليمية خصوصا التطورات في اليمن ودعم إيران لميليشيا الحوثي وإثارة النزاعات وتدخلها في شؤون دول المنطقة، إضافة إلى أزمة سوريا والقضية الفلسطينية. وأشار العرابي إلى أن ملف الإرهاب أيضا من الموضوعات المهمة المطروحة للنقاش خصوصا في ظل الدور القوي للمملكة ومصر بالتصدي لخطر الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تهدد أمن واستقرار عدد من الدول الشقيقة، لافتًا إلى أن الدور القطري في دعم وتمويل الإرهاب سيكون أيضا من القضايا بالغة الأهمية التي يناقشها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والرئيس عبدالفتاح السيسي. رؤية مشتركة بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، د. طارق فهمي، «إن الزيارة تهدف إلى وضع رؤية مشتركة قبيل القمة العربية القادمة بالرياض، ومناقشة ملفات القضايا العربية الساخنة مثل القضية الفلسطينية خصوصا بعد التصعيد الأمريكي للأزمة بإعلان واشنطن نقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس في مايو المقبل، فضلا عن بحث ما أطلقت عليه الإدارة الأمريكية بمشروع سلام فلسطيني إسرائيلي جديد»، مؤكدًا أن السعودية ومصر هما جناحا الأمة العربية، وقوتهما تأكيد على قوة العرب في مواجهة كافة التحديات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة مثل الإرهاب والدول الداعمة له والممولة كنظامي إيرانوقطر. وأوضح فهمي، أن لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السيسي سيتطرق دون شك إلى الوضع في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها من المناطق الملتهبة في محيطنا العربي. الأزمة القطرية وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الأزمة القطرية ستكون حاضرة بقوة في المباحثات الثنائية، خاصة بعد توجيه الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «المملكة ومصر والإمارات والبحرين» إنذارًا أخيرا إلى الدوحة من خلال البيان المشترك الذي تضمن ردًا على كلمة وزير خارجية قطر أمام مجلس حقوق الإنسان، وأشاد بما تضمنه البيان، لافتًا إلى خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تؤمن قطر بمبدأ حسن الجوار والعودة لحضنها العربي ولفظ دعمها واحتضانها للإرهاب وجماعاته، أو استمرارها في انتهاك القانون الدولي والإقليمي، ما يعرضها لعزلة نهائية لا رجعة فيها. وذكر في ختام حديثه، أن قطر فشلت في تدويل أزمتها ورفضها أية حلول، ما يؤكد عزمها على المضي قدما في دعم وتمويل الإرهاب، لافتًا إلى ان تصريحات وزير خارجيتها الأخيرة في مجلس حقوق الإنسان، أغلقت الباب أمام حلحلة الأزمة، وقال «إن الجانب القطري لا يملك خطابًا سياسيًا متزنًا، ونجده يكرر نفس المفردات منذ بداية أزمته، كما أن الحوار المطروح للنقاش من طرفه للمشكلة عشوائي ولن يؤدي إلى نتائج إيجابية». ملف الإرهاب وعلى الجانب الأمني قال اللواء عبد الله الوتيدي: «إن ملف الإرهاب من أبرز ما ستناقشه القمة السعودية المصرية لاسيما في ظل تنامي خطر جماعاته في المنطقة العربية، إضافة إلى بحث حلول عاجلة لوقف محاولات تمدد عدد من الدول المتورطة في دعم وتمويل واحتضان الإرهابيين مثل نظام إيران»، مثمنًا جهود المملكة في قيادة تحالف عربي من أجل التصدي لطهران التي زرعت ميليشيا الحوثي في اليمن؛ لتهديد المنطقة العربية عامة والخليج العربي خاصة. وأضاف الوتيدي «إن مصر تخوض بالمثل معركة العزة والشرف والكرامة لتطهير أراضيها خصوصا في منطقة سيناء من دنس الإرهاب، لذا فإن التنسيق بين البلدين في الملف الأمني بالغ الأهمية في المرحلة الراهنة لاستئصال جذوره». وشدد على أن الرياضوالقاهرة ترتبطان بعلاقات متينة تعززت أكثر مع انتخاب الرئيس السيسي في 2014، بعد عام على عزل محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المصنفة إرهابيًا.