يفرح البعض سرا بفشل من حوله، فذلك يجعله يشعر بشعور أفضل بالنسبة لحياته، لأنه يميل دوما لقياس نجاحه مقارنة بنجاح الآخرين، وبذلك يصبح فشل شخص ما بمثابة نجاح له. يفضّل أصحاب هذا النمط أن يكونوا السمكة الكبيرة في بركة صغيرة على تواجدهم كسمكة صغيرة في بركة كبيرة، لذلك تجدهم يبحثون عن أشخاص أسوأ حالا منهم ليحيطوا أنفسهم بهم فذلك يشعرهم بعظمتهم أمامهم، فهم يَرَوْن العالم كمسابقة كبيرة يتنافس كل شخص فيها ضد الآخر، ولا يوجد إلا كمية محددة من الفرص الجيدة، ولا مجال لأن يتمكن الجميع من الحصول على أرباح، وتجعله عقلية الشح هذه في حالة قلق دائم من فوز المحيطين به، ولكن فشلهم يمنحه فرصا أفضل، وعندما يصيب الحظ السيئ شخصا فإنه يتنهد بارتياح لأن عدد المقتسمين للكعكة أصبح أقل. تترجم عقلية الشح بأنها عقلية إغلاق، فهي تغلق الشعور بالوفرة على كل من هو في محيطها، فينشأ البشر بداخلها وهم يكرهون بعضهم ويعتبرون الجميع خصوما لهم يسعون للخلاص منهم. يشعر المصابون بعقلية الندرة بمشاعر متزايدة من التهديد، وتدفعهم نحو اللجوء لآلية الاقتتال لأجل صراع البقاء. فإن لم أحصل على هذا الامتياز سيتهدد وجودي، ولهذا فلا بد أن أهاجمك للاستمرار، وهذا ما نراه في الاقتتال على المناصب حيث في المنصب حياة وقوة، ولا مجال للاستمرار إلا عبر هذا التشاحن، وذلك بسبب سيطرة فلسفة خفية على عقلهم توحي لهم بأنه لا يوجد في الأرض ما يكفي لإسعاد الجميع، فتسيطر عليهم عقلية الشح حتى في الآراء والأفكار، فالحق حسب ندرة منظورهم إما أن يكون معي أو معك، وإذا لم أنتصر أنا عليك فستنتصر أنت علي، فلا يوجد بالنسبة لهم طريق ثالث يسعنا جميعا. أحياناً وبدون أن نشعر قد ننزلق للتفكير بعقلية الندرة والحل هنا أن نرفع من مستوى إيماننا بالله سبحانه ونتذكر بأنه الواسع الرزاق وأن الأرزاق قد وزعت بالعدل، ثم ندعو لأنفسنا وللآخرين بالبركة، وننشغل بالعمل والتوكل عليه لا بالنظر إلى ما لدى الآخرين.