تصاعد التظاهرات واحتدامها في مختلف المدن الإيرانية، بما فيها العاصمة طهران لليوم الرابع على التوالي وسقوط القتلى والجرحى خلال مسيراتها، يؤكد -دون جدل- أن الأرض الايرانية ما عادت تحتمل طغيان النظام الايراني، لاسيما أن المتظاهرين هتفوا بموت مرشدهم، وأن الشعارات المرفوعة تنادي بسقوط جلاديهم ونهاية تسلطهم على حرياتهم وكرامتهم ومقدراتهم. وما يحدث في الشوارع الايرانية يمثل جرس إنذار لأولئك المتسلطين على رقاب الايرانيين، ويعلن عن نهايتهم الوشيكة، فالاحتجاجات الشعبية العارمة لا تعود الى غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة المعيشية وارتفاع نسبة البطالة الى ذروتها فحسب، ولكنها تعود أساسا الى عدم الاصغاء لحقوق الشعب الايراني المشروعة بكل أشكالها ومسمياتها، وتصميم النظام على تبديد الثروات الايرانية الطائلة على الارهابيين والمرتزقة في كل مكان، ليعيثوا فسادا وخرابا وتدميرا في دول يسعى النظام لبسط سيطرته عليها، تحقيقا لحلمه القديم المزعوم باقامة الامبراطورية الفارسية على أنقاض ارادة شعوب المنطقة وسيادتها. اتساع رقعة الاحتجاجات وامتدادها لمعظم المدن الايرانية لقي ترحببا من الدول العظمى ومن سائر الدول المتضررة من جرائم النظام وتصديره لثورته الدموية اليها، فهي انتفاضة طبيعية وسليمة يبدو أن نيرانها ستبقى متقدة رغم ممارسات القمع التي يستخدمها جند النظام مع المتظاهرين، فقد ثبت في ظل هذه الانتفاضة أن النظام بدأ يضعف ويشعر بقرب سقوطه، فلا سبيل للخلاص من كل الأزمات القائمة داخل ايران وخارجها الا باسقاط نظام الملالي. الطغيان لا يدوم ولا بد من انحساره، وهذه حقيقة يجهلها ويتجاهلها النظام الايراني السادر في غيه والماضي في ممارسة أخطائه الفادحة ضد شعب ايران وضد كافة شعوب العالم المحبة للعدل والحرية والسلام، فالاجراءات القمعية التي تمارس حاليا على الأرض الايرانية لن تفت في عضد الايرانيين أو تمنعهم من رفع أصواتهم وشعاراتهم وتنديداتهم ضد طغمة حاقدة وصلت الى ذروة استهانتها بحقوق الشعب الايراني وذروة سخريتها من كل القرارات والمواثيق والأعراف الدولية المرعية التي لا تزال تضرب بها عرض الحائط. النظام الايراني لا يسعى الى اخماد أصوات الايرانيين الحرة المنادية بحقوقها الطبيعية المشروعة فحسب، ولكنه يسعى في الوقت ذاته الى اثارة الفتن والفوضى والحروب في دول المنطقة وغيرها من دول العالم من خلال تصدير ثورته الدموية الغارقة في بؤر الأخطاء، ومحاولته الاستمرار في تحديث وتطوير أسلحته التدميرية الشاملة ليهدد بها دول المنطقة ودول العالم، وهي أسلحة تهدد الأمن والسلم الدوليين. لقد استمرأ النظام الايراني الفاشي مختلف أساليبه الموغلة في الظلم والجبروت والتعنت وركوب الرأس سواء من خلال سياسته الداخلية مع الشعب الايراني أو مع سياسته الخارجية مع سائر دول العالم القائمة على الاستكبار ومحاولة اخضاع كافة شعوب المعمورة لكل ممارساته الدموية التي يريد منها تمرير مخططاته التوسعية على حساب دول المنطقة وعلى حساب القرارات الأممية التي لا يزال يسخر ويهزأ بها ولا يعيرها التفاتا.