دأب حكام طهران على حشر أنوفهم في الشأن العراقي الداخلي وهذا هو السبب الرئيس لاطالة أمد الأزمات العراقية المتراكمة منذ ظهورها على السطح، وقد بلغ السيل الزبى بالمواطنين العراقيين في عدد من محافظاتجنوبالعراق فأقدموا على حرق صور الخميني وعلي خامنئي وتمزيقها، وهي ردة فعل طبيعية للتدخل الإيراني السافر في شأن العراقيين والذي أدى إلى اطالة أزماتهم. الحشود الكبيرة من العراقيين الذين نظموا مسيرات طافت شوارع محافظاتجنوبالعراق منددين بحكام طهران، وأقدموا على حرق وتمزيق صور الخميني وخامنئي الزعيمين للثورة الايرانية، وهاجموا مقرات أحزاب عراقية موالية للتيار الصدري المعارض للاصلاحات والتصدي للفساد في العراق، هي صور واقعية لكل التدخلات الايرانية التي أراد منها حكام طهران تشتيت الصف العراقي وتأزيم مشاكله وادخاله في نفق مظلم لا بصيص للنور في نهايته. ومهما وصفت به التظاهرات التي نظمها أبناء العراق ضد الايرانيين ومن والاهم فهي صفات كاذبة وعارية عن الصحة، فما حدث من تظاهرات صاخبة هو رد طبيعي لكل الممارسات الايرانية ضد الشعب العراقي الباحث عن حريته وكرامة أبنائه، والباحث عن اعادة السلام والطمأنينة والأمن لكل ربوع العراق الذي مني بخسائر بشرية ومالية مرتفعة بسبب التدخلات الايرانية في شأنه. تمرس الايرانيون على التدخل السافر في شؤون العديد من دول المنطقة، فتدخلاتهم في الشأن السوري واليمني والليبي أدت إلى اشعال فتائل التوتر في تلك البلدان التي يسعى أهلها لايجاد المخارج المأمونة التي تنهي أزماتهم الطاحنة، وهاهم حكام إيران يصعدون تدخلهم في العراق محاولين بذلك تأجيج الفتن الطائفية وتصدير مبادئ ثورتهم الهزيلة إلى هذا الشعب المسالم، غير أن التظاهرات الأخيرة ضدهم تعكس رفض العراق للتدخل الايراني في شأنه. حرق المقرات والمكاتب الموالية لإيران في الجنوبالعراقي يأتي ترجمة واضحة واستنكارا لكل الممارسات الموغلة في الخطأ التي تمارسها إيران في العراق، وهي ممارسات مازالت تشعل فتائل القلق والتوتر في بلد يسعى للعودة إلى حظيرته العربية، ويسعى لانهاء أزماته المتراكمة منذ سقوط النظام الصدامي البغيض، فالمتظاهرون العراقيون يعبرون عن استنكارهم ورفضهم لسائر الممارسات الايرانية في بلادهم. لم يفلح الإيرانيون بكل دعمهم المالي ودعمهم بالسلاح والمقاتلين في العراق لبسط نفوذهم وتسلطهم، فالمظاهرات الأخيرة تبرهن على أن العراق يغلي كالمرجل تحت أرجلهم وأنهم في النهاية سوف يجرون وراءهم أذيال الهزيمة والخزي والعار وهم يخرجون من العراق مندحرين وخاسرين، فالعراقيون مازالوا يرفضون وجودهم على أراضيهم، ويتوقون إلى اليوم الذي يتخلصون فيه نهائيا من تدخلاتهم السافرة في شأن بلادهم. لقد أدان العالم بأسره سائر التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وهي إدانة تدل بوضوح على أن التدخلات الإيرانية في المنطقة سوف تؤدي إلى مزيد من اشعال العنف ونشر الطائفية واستمرارية الحروب التي لن تعود على تلك البلدان بالخير، ولكنها تعود بمزيد من الخراب والدمار واطالة أمد الأزمات كما هو الحال في سوريا واليمن والعراق وليبيا. على العالم بأسره الاستمرار في التنديد بتدخلات حكام طهران السافرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ولابد أن تضع دول العالم قاطبة حدا قاطعا لتلك التدخلات المرفوضة من سائر دول المنطقة ومن سائر الدول المحبة للعدل والحرية والسلام، ومن سائر المنظمات والهيئات الدولية.