تنتهي السنة الميلادية بملفات أحداث، تنتقل من سنة لأخرى، أهمّها ملف القضية الفلسطينية. 100 عام على وعد بلفور، وفي هذا الشهر بدأ العد الجديد لسنين قادمة لنتائج القرار الأمريكي، بالاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية. لتأتي كلمة مندوبة أمريكا في مجلس الأمن تتهم فيها المجتمع الدولي بظلم دولة الصهاينة. ليتها وقفت عند هذا الحد، لكنها أعطت درسا في التاريخ المزور، قائلة إن (القدس كانت عاصمة اليهود لآلاف السنين ولم يكن لهم عاصمة أخرى). هكذا بدأ مشوار كذبة جديدة ترسخ الظلم، وتحرق شعارات القانون الدولي المرفوعة، وأيضا تشكل بداية مشوار سلبي جديد، لدرجة اتهام المخلصين العرب للقضية الفلسطينية بالخيانة. ■ ■ في هذا الأمر ظهرت علينا لوحات مشوهة تنبئ بالكثير. لوحات لجمهور عربي، ولا أقول لشعب عربي، وقد حولوا بوصلة القضية إلى تهريج، يزيد المعاناة ويعزز ادعاء الأعداء بهمجية العرب. رفعوا في إحدى الدول العربية لوحة احتلت مساحة أحد مدرجات ملعب للتهجم على المملكة. ماذا يعني هذا التصرف؟ ما مؤشراته ودلالاته؟ ■ ■ الحقائق ليست ملكا لأحد. مواقف المملكة عبر تاريخ القضايا العربية المعاصرة واضحة ومعروفة ومشرّفة، ويتم تجاهلها عنوة. الحديث هنا عن جمهور كان يجب أن يكون منصفا، فلماذا انحرفت بوصلته لإعلان العداء والاتهامات للمملكة وشعبها وحكومتها؟ من يقود هذا الجمهور نحو تحريف الحقائق؟ من يغذي ويشحن ويزود بالمعلومات المغلوطة؟ هناك حقد على المملكة. في أحد برامج إذاعة (BBC) استمعت لآراء الشارع العربي، فتعجبت من معلوماتهم المغلوطة عن المملكة، يكذبون الكذبة ويصدقونها، وتلك الآراء لها مؤشراتها، وأيضا أتساءل كيف تكونت قناعاتهم؟ أتساءل أيضا عن كيفية اختيار المشاركين في البرنامج. ■ ■ هناك جمهور، أكرر لا أقول شعوبا عربية، تربّت على المغالطات، وعلى هتك عرض الحقائق. جمهور مهمته اتهام المخلصين. من جعله كذلك؟ جعلوا من أنفسهم محرقة لكل حكمة عربية رشيدة. شعوب عربية تعاني بسبب شعارات جمهور أجوف خاوٍ وكاذب. وسائل إعلام تلمع من يمولها، وتتهم المخلصين بالتقصير والخيانة. يحدث هذا مع الجماهير الأكثر جهلا وتخلفا وانغلاقا. جماهير جعلوها حبيسة نفسها بشعارات تخالف واقعهم، وهذا الحوثي خير دليل. فهو يحمل كذبة كبيرة، ويجبر أتباعه على تعليقها حتى على ملابسهم، فكانوا الضحية. ■ ■ شعارات الحوثي المرفوعة توضح الكذبة وعمقها، وتوضح أيضا مدى تفشيها بين عقول جاهلة بسيطة يتم استغلالها. [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام]، شعار يعترف بإسرائيل، والخبث يتأكد من اليهودي الذي هاجر إلى إسرائيل من اليمن، وهو يحمل أقدم نسخة من التوراة في العالم، حصل ذلك بمساعدة الحوثي. الصور منتشرة لهذا اليهودي وهو يضع شعار الحوثي على بندقيته وملابسه، فكانت مكافأته وصوله إلى إسرائيل سالما بهذه المخطوطة النّادرة. استقبله نتنياهو في مكتبه، وظهرت مراسم الاستقبال على شاشات التلفزة العالمية، وقد شاهدتها بنفسي، ومنها شاشة قناة الجزيرة المتواطئة، وعبر تاريخ القضية الفلسطينية لم تجرؤ قناة عربية على جعل القدس قضية في نقاش للرأي والرأي الآخر، لكن الجزيرة القطرية فعلتها. ■ ■ هناك شحن مبرمج برسائل الخبث والتدليس والكراهية والكذب ضد المملكة من جمهور عربي مقهور من أكابرهم. الشاحنون يدعون البطولات وهم بعيدون عنها، ويدعون خدمة قضية فلسطين وهم في لهو عنها، ويدعون التحضر وهم يعيشون حياة همجية وغوغائية تزيد الطين بلّة، ويغلّفون أنفسهم بنسيج مواقف بطولية وهمية وهلامية. وسط هذه الأحداث أتساءل عن دور إعلامنا وغيابه عن هذا الجمهور العربي التائه بفعل فاعل؟