أظنها والله أعلم شيئا كامنا في نفس كل أحد، لأن الواقع يقول إن الإرادة تصنع الإنسان وتعمُرُ الأوطان وهي في ذات الوقت تدمِر وتهدم الأوطان والإنسان إن أراد ذلك، لأن الإنسان مُخير بإرادته بين أحد المسلكين تحت مشيئة الله وإرادته، ولهذا قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسر ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسر) الإرادة واردة في كلا الأمرين، وهل يُعسِر على الإنسان أحد سواه!؟. قرأت كتاب «حياة في الإدارة» للقصيبي - رحمه الله - فوجدت أنه بعصاميته لم يتطرق إلى الإرادة ولو على سبيل التعريج مثلا، ذلك لأنه وجد أنه لا إدارة أصلا دون إرادة، وكيف يُدار شيء أصل بلا إرادة! فكان من الفضول أن أضع هذا التعليق: «لا إدارة بغير إرادة» على الكتاب في قُصاصةٍ صغيرة، لأنني كغيري من الكسالى الاتكاليين الذين يريدون الإدارة دون إرادة، ويريدون نهضة دون تضحية ويريدون تطورا بلا علم ويريدون رخاء بلا سابق شِده، وتطول القائمة بما يريده العربي وهو متكئ يتابع دوري كورة!! هذه غيبوبة ما زلنا نعاني منها إلى الآن وللأسف. في الحقيقة إن الإرادة هي المنطلق لكل حضارة، وهي تنافي الاعتماد على الغير وتوازي الاستفاة منه، بمعنى أنه لا إرادة إلا بالعمل كالآخرين في كل مجال ومن هنا تنطلق الإرادة، فإذا أرادت العائلة أنتجت للمجتمع أبناء يعمرون البيت والوطن، وإذا أراد المسؤول بإخلاص وأمانته عمر الوطن وكذلك من هُم دونه، وفي اعتقادي أن الإرادة سلسة مجتمعية وتكون فردية أيضا، ولنا على سبيل المثال لا الحصر في «مهاتير» ماليزيا، فبإرادته الفردية نجح في إدارة بلده. دخل عمر الخطاب - رضي الله عنه - على قوم يتعبدون في المسجد ولا يطلبون الرزق، عالة على جيرانهم، فنهرهُم وقال السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة. إذا السماء لا تمطر تنمية ولا تطورا ولا صناعة ولا بناء، وسوف يصبح الذهب الأسود بلا قيمة في عصرنا هذا عاجلا أم آجلا، فماذا سنفعل؟! ولذلك مع الدين نحتاج إلى إرادةٍ قوية تضخها وسائل الإعلام ومنابر الجوامع والأقلام والاصوات الناصحة بأنه يا وطن: (الإرادة حياة) والسلام.