وراء كل عمل وكل فكرة وكل شعور توجد النية، وهي المكون الخفي لطبيعة الثمار، وإن كنّا مشتركين في السبب فمن غير الممكن ألا نتشارك النتيجة، ومن هذا المنطلق العميق فنحن مسؤولون عن كل عمل وكل فكرة وكل شعور يترتب على كل نية بداخلنا، وسنتذوق بأنفسنا ثمارها، ولذلك فمن أهم دروس الحكمة أن نعي حقيقة نياتنا التي تنتج تجاربنا، وأن نختار نتائجها لنصحح مسارها. في الفيزياء نجد قانون الحركة الثالث يتشابه مع قانون النوايا، في أنه مقابل كل فعل توجد ردة فعل معادلة ومعاكسة، حيث ينص قانون النوايا على أن الإنسان الذي يحمل في نياته كراهية للآخرين، يعيش تجربة الكراهية عبر نيات الآخرين نحوه، والإنسان الذي يحمل في نياته الرحمة لمن حوله، يستقبل مشاعر من الرحمة من المحيطين به، والقاعدة الذهبية المهم تذكرها دوما في حياتنا أننا نستقبل من العالم ما نمنحه له. كل تجربة نعيشها، وكل تغيير في التجربة يعكس نية معينة، فالنية استخدام واع للإرادة في اتجاه معين، وإن كنت راغبا في تطوير أي علاقة فالرغبة وحدها لا تحدث فرقا، بل يبدأ التغيير الفعلي بتحويل مسار النية لاتجاه أفضل. نعيش في كثير من الأحيان شيئا من تناقض النوايا اللا واعي، فقد يكون لديك نية واعية في تحسين وضع ما، ونية غير واعية في الميل للتسويف والخوف من التغيير؛ مما يجعلك مستنزفا وممزقا بين ديناميتين متعاكستين، ولو كانت النية غير الواعية هي الأقوى برمجة، فسوف تتفوق على نيتك الطيبة وتعيق مسارك في النمو والتطوير. يبدأ قرارك نحو انتهاج الوعي الإيجابي في تفحص انسجام نواياك، وتطهير النوايا المعيقة، والإنصات المتفهم للنوايا المعاكسة اللا واعية، وتبديل الأنماط السلبية القديمة بالاستجابات الجديدة، فتستبدل الغضب بالرفق مثلا، أو قلة الصبر بالتفهم، ومن شأن هذا التغيير أن يصنع فرقا في مشاعرك، وكفيل بتشكيل تجارب أكثر إيجابية في حياتك، وحينها سيتألق إشعاعك الروحي المنبثق من نورانية نواياك، ونأمل أن تصبح ممن وصفهم الذكر الحكيم «يسعى نورهم بين أيديهم».