أثبتت زيارة البطريرك اللبناني مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للمراونة، للمملكة العربية السعودية تشكل الضمانة الأولى للمنطقة في تعايش الأديان وحوار الحضارات وتقبل الآخر، وهذا ما لمسه الراعي خلال اللقاءات التي عقدها مع القيادة السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهذه الزيارة شكلت محطة تاريخية بتوقيتها وحساباتها. والزيارة أيضاً -بحسب تصريحات خاصة ل«اليوم» أدلى بها رجال دين وسياسة- أثبتت أن المملكة منفتحة على جميع القيادات اللبنانية وهي تتعاطى مع كل الأطراف المسيحية والإسلامية من منطلق الأخوة والمصالح التي ترعى البلدين، باستثناء بعض القوى التي تشكل حال العداء للعرب والمسلمين، وهذا ما نقله البطريرك الراعي بالصوت والصورة من ارتياح غير مسبوق لما سمعه من الملك سلمان وولي عهده وما لهذه الزيارة من انعكاسات إيجابية على رعاية المملكة للتعايش بين أبناء الديانات السماوية ليس في لبنان فحسب بل في البلدان كافة. اعتدال السعودية ويؤكد المرافق للبطريرك الراعي الى المملكة رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر في تصريح ل«اليوم» أن «الزيارة كانت ناجحة وإيجابية بكل المقاييس، فلقد أعادت توطيد العلاقة بين الكرسي البطريركي والقيادة السعودية»، فالجميع يعلم مساعي ودور المملكة في الحوار المسيحي- الاسلامي والذي سبق وأنشأته في فيينا، فقد أعادت القيادة السعودية التأكيد على هذا المنحى، وشددت على أن مجتمع لبنان الواحد الاسلامي- المسيحي هو ثروة قومية للعالم أجمع». ويوضح المطران مطر أن السعودية تكن للبنان محبة وتقديراً عالياً، وتأمل ألا يعكر أحد صفو هذه العلاقات، لافتاً الى ان المملكة سائرة بخطى صحيحة وواثقة نحو سياسة الاعتدال في الشرق الأوسط وهي تحارب الارهاب والتطرف لحماية المنطقة من خطرهما، وهي ملتزمة بهذا المنحى بحزم وهذا أمر يفرح القلب وسينعكس بكل تأكيد ايجاباً على المنطقة أجمع. افشلت الفتنة من جانبه، يؤكد عضو كتلة «القوات اللبنانية»، النائب فادي كرم، ان كل المعاني الايجابية تكللت في هذه الزيارة، فهي زيارة تاريخية لرسم سياسة تعاون جديدة بين الطوائف، وهي سياسة معبرّة جداً لتواجد البطريرك في المملكة التي تمثل مرجعية إسلامية كبرى؛ وهذا يدل على رؤية عند القيادة السعودية ونظرة إلى الأمام والى التعاون ووضع سياسة سلام بين أبناء هذه المنطقة، لأن ما مرت به المنطقة على مدى السنوات الماضية كان مسيئا جداً الى ثقافات هذه المنطقة، لهذا فإن القيادة في المملكة تعيد وضع ثقافة جديدة وقابلتها الكنيسة اللبنانية. ويشدد كرم على اننا نشهد حربا توسعية في هذه الفترة من النظام الايراني، حيث إنه يستخدم كل سبل تشويه سمعة والعلاقات اللبنانية السعودية من خلال أعوانه وأتباعه في لبنان، فهذا المشروع هو مشروع توسعي يعمل على استخدام كل التنافضات الموجودة في الدول العربية بدءاً من اليمن والعراق وسوريا وصولا الى لبنان وحتى في الدول الخليجية. ويختم: من الضروري اليوم أن نشهد نوعا من الخطوات كزيارة البطريرك الراعي الى السعودية لإفشال هذه المشاريع الفتنوية. إعادة التوازن ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي وعضو قوى 14 آذار، نوفل ضو أن زيارة البطريرك في هذا التوقيت السياسي بالذات أعطاها أكثر من أهمية، بالإضافة الى أهميتها في حوار الحضارات وبالانفتاح المسيحي- الاسلامي المشترك وفي إبراز دور المملكة المنفتح على بقية الشعوب والحضارات والطوائف في العالم. ويرى ضو ان كلام البطريرك عن استقالة الحريري أعاد تصويب الموقف وأعاد شيئاً من التوازن الى اللعبة السياسية في لبنان في مواجهة الحملة الدعائية الواسعة التي تشن لتضليل الرأي العام اللبناني وتظهره وكأن الحريري موجود في السعودية نتيجة مشكلة معينة، في حين أن البطريرك أعاد تصويب الموقف حيث يجب أن يكون هذا التصويب لناحية القول ان استقالة الرئيس الحريري ليست ناجمة عن ضغوطات لا بل عن اسباب واضحة يتفهمها البطريرك ويوافق عليها. ويقول ضو: اعتقد ان زيارة الراعي الى السعودية في هذا التوقيت بالذات لها الأهمية ذاتها على الكيان اللبناني، فالبطريرك بذهابه الى السعودية يقول ان الكيان اللبناني هو كيان راغب في أن يكون جزءا من المجتمع العربي. وضع اللبنانيين ويشدد أمين مجلس الاستثمار اللبناني في المملكة ربيع الأمين، على أن المملكة تتجه بخطى ثابتة وواثقة نحو الانفتاح على العالم والثقافات والديانات الاخرى، لافتاً الى ان زيارة البطريرك تشكل دلالة خاصة تجاه الدين المسيحي والشرق الأوسط كمنطقة تعايش بين الديانات المختلفة، مما سينعكس إيجاباً على الحوار بين الأديان. ويوضح أن زيارة البطريرك حلت سلاماً على قلوب اللبنانيين في السعودية وتجلى ذلك واضحاً في الاستقبال الذي تم في سفارة لبنان في الرياض، مشيراً الى ان الراعي كان متفائلاً جداً حيال الكلام الذي سمعه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشأن اللبنانيين في المملكة.