لن تكون زيارة البطريرك الماروني اللبناني الراعي بشارة للسعودية غدا (الإثنين)، زيارة بروتوكولية على الإطلاق، لاعتبارات عدة، إذ يعتبر الراعي أول رئيس مجلس بطاركة يزور المملكة، في مؤشر على حرص الرياض تجسيد دبلوماسية التسامح ونهج التقارب والتعايش السلمي والوسطية والحوار والانفتاح بين الأديان. زيارة الراعي التاريخية جاءت بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان سباقا للكثير من مبادرات الحوار والسلام في المنطقة والعالم. وهذا ما أكده وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بأن الزيارة المرتقبة للبطريرك اللبناني إلى الرياض تؤكد انفتاح السعودية وتعكس نهجها للتقارب والتعايش السلمي والانفتاح على جميع مكونات الشعوب العربية. وتلقّى الراعي دعوة لزيارة السعودية، للقاء خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. واللافت هنا أن لقاء الملك سلمان مع البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي؛ وهو الأول من نوعه في تاريخ المملكة، سيكون محط اهتمام الأوساط اللبنانية والعالمية، كما ستكون له انعكاسات إيجابية لتطوير العلاقات بين البلدين، كما هو تأكيد على اهتمام المملكة بالوضع اللبناني، وترسيخ للنهج السعودي الهادف إلى التقارب والتعايش السلمي والانفتاح على الآخر. وتجسد زيارة الراعي إستراتيجية التقارب السعودي اللبناني، بالنظر إلى فاعلية الرياض ودورها المميز في العالم العربي، فضلا عن كونها تتمازج مع التوجه السعودي لإيجاد قواسم مشتركة بين الأديان، وتعزيز نهج التواصل والتلاقي مع سائر الثقافات والأديان. وتأتي الزيارة في لحظة تشهد تحوّلات مصيرية كبيرة في المنطقة وفي العالم بأسره، ليس على المستويات السياسية فحسب، وإنما على صعيد التعايش بين مختلف الحضارات والثقافات الإنسانية، وتؤكد حرص السعودية على أمن واستقرار لبنان وإبعاده عن أية مؤثرات خارجية، وتحديدا من إيران التي تتطلع لتحويله إلى بؤرة طائفية. وتتزامن زيارة الراعي مع استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فيما لا يزال الرئيس ميشال عون متمسكا بموقفه الرافض للتعامل معها. السعودية باستقبالها للراعي تثبت للعالم أنها حريصة على فهم ثقافة الآخر وتعزيز مشروع الوسطية والاعتدال. وتستغرق زيارة الراعي إلى الرياض يوما واحدا يغادر منها إلى روما للمشاركة في مجالس عمل بابوية. الملك سلمان بن عبدالعزيز