لا يمكن وصف زيارة البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي المرتقبة للسعودية إلا بالتاريخية؛ كونها تجسد دبلوماسية التسامح ونهج التقارب والتعايش السلمي للمملكة وحرصها على فهم ثقافة الآخر، التي تكرسها القيادة السعودية، وهو ما أكده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه الأخير «أن السعودية ماضية في الاتجاه نحو الإسلام الوسطي». وليس هناك شك أن الزيارة تعتبر إستراتيجية بالاستناد إلى معطيين، الأوّل أنّها الزيارة الأولى التي يقوم بها بطريرك ماروني إلى السعودية، والثاني أنّها تؤكّد التقارب السعودي – اللبناني، واللبناني العربي بالنظر إلى فاعلية السعودية ودورها المميز في العالم العربي، فضلا عن كونها تتمازج مع التوجه السعودي للتقارب، وإيجاد القواسم المشتركة بين الأديان، نهج تواصل وتلاقٍ مع سائر الثقافات والأديان العالمية. ولهذا تكتسب الزيارة أهميتها من حيث توقيتها ومضمونها في لحظة تشهد تحوّلات مصيرية كبيرة في المنطقة وحتى في العالم بأسره، ليس على المستويات السياسية فحسب وإنما على صعيد التعايش بين مختلف الحضارات والثقافات الإنسانية. وهذا ما أكده وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان بأن الزيارة تؤكد على نهج التقارب والتعايش السلمي لبلاده، إذ هي إشارة أساسية إلى اهتمام المملكة بلبنان. وترى مصادر مسيحية أن الزيارة «ليست سياسية بقدر ما هي تأتي في سياق سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة، واهتمامها بالحوار بين الأديان والحضارات»، وتعكس رغبة واضحة لدى السعودية في تأكيد خيارها الأساسي في الانفتاح على الأديان كما الحضارات الأخرى، والعيش المشترك يؤهّلها للعب دور كبير في المنطقة والعالم في ظل أزمات التعايش بين الثقافات والأديان المختلفة. ومن المؤكد أن لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مع البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي الأول من نوعه في تاريخ المملكة والتي يدعو فيها الملك رسمياً أحد قيادات الكنيسة الكاثوليكية في لبنان والعالم، وسيكون محط اهتمام الأوساط اللبنانية والعالمية، كما سيكون له انعكاسات إيجابية لتطوير العلاقات بين البلدين، وهو تأكيد على اهتمام المملكة بالوضع اللبناني، وتأكيد نهج المملكة للتقارب والتعايش السلمي والانفتاح على جميع مكونات الشعوب العربية.. الراعي في الرياض قريبا.. نعم هذه هي سعودية التسامح والوسطية والاعتدال والتعايش السلمي.