تحولت المناطق الباقية تحت سيطرة الانقلابيين إلى نسخة يمنية من عواصم المراقد الإيرانية، في تجريف للهوية اليمنية بإدارة نظام إيران، وغدت الاحتفالات بالمناسبات الطائفية وطقوسها تقام في قلب صنعاء بعد أن كانت تتم في جبال صعدة وكهوفها. وبتنظيم هذه الاحتفالات الطائفية تحاول الميليشيا ربط الجانب النظري من مناهجها الجديدة، التي فرضتها على الطلاب بالجانب العملي، وذلك لتحويلها إلى أمر واقع كتعبير عن ثقافة خاصة وهوية جديدة. وإلى جانب المناهج التعليمية اجتاحت مناطق شمال اليمن كميات كبيرة من المؤلفات الدينية ذات التوجه الصفوي وبتمويل واسع وممنهج من قبل الدوائر الإيرانية وخبرائها، الذين يديرون المخططات الفارسية في اليمن. هذا التجريف المتعمد للهوية الوطنية في اليمن يتوازى مع النشاط العسكري للميليشيا، بل إن أنشطة الحوزات الإيرانية بدأت التمدد سرا تحت مسمى مراكز دينية وثقافية منذ فترة ليست بالقصيرة، حينما بدأت سلطات طهران تمرير أفكارها تحت شعار تصدير الثورة. وفي توجه المقرر الجديد، الذي يعد غالبية محتواه من خطب زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي، وقبله الصريع، حسين الحوثي مؤسس الميليشيا يعد تكريسا لمبدأ ولاية الفقيه في الحكم، حيث يقول في أحد فصوله: «يذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز تعدد الخلفاء أو الأئمة في الأمة الإسلامية، فلا بد أن يكون إماما واحدا تنضوي تحت لوائه جميع الأمة؛ لأن التعدد مناف لمقصود الإمامة من اتحاد كلمة أهل الإسلام واندفاع الفتن وإن التعدد يقتضي لزوم أحكام مضادة». على حد مزاعمهم. وفي باب «الموقع الإستراتيجي لليمن»، يتحدث المقرر الجديد عن أهمية باب المندب لإيران، ويقول: وأخيرا استفردت الولاياتالمتحدة مع حلفائها بالسيطرة على الطرق والممرات البحرية، حيث تسعى واشنطن إلى السيطرة على المضيق بموارده وتأمين طرق الملاحة، وفي نفس الوقت تسعى إلى إبعاد القوى الأخرى -في إشارة لإيران- وما يدل على محاولاتها إنزال قواتها في الصومال واحتلال أفغانستان والعراق هذا بالإضافة إلى قواعدها العسكرية المتواجدة في الخليج وافريقيا. وهكذا تطرح ميليشيا الانقلاب الحوثية نفسها كقوة إيرانية في مواجهة للحضور الأمريكي في المنطقة، واعتبار باب المندب والسيطرة عليه يخدم طهران في المنطقة والإقليم ويوازن حضور الأطراف الأخرى. ويأتي تفسير الجماعة للثقافة الوطنية بأن اليمني جندي يرى السعادة في القتال، في منحى يؤكد توجهها ل«عسكرة الفكر المجتمعي»، وتحديدا فئة الشباب، التي كانت قد بدأت تتجاوز سلبيات الماضي وتتجه نحو التعليم والتسامح ومغادرة التقاليد البالية، التي تمجد من شأن المقاتل والقاتل في ذات الوقت. وخلال الأيام الماضية خرج وزير الشباب والرياضة الحوثي في حكومة الانقلاب، حسن زيد، بدعوة أثارت ردودا واسعة داخلية وخارجية طالب فيها بوقف التعليم وإرسال طلاب المدارس والجامعات إلى الجبهات للقتال في تكريس عملي لمخططات الحوثي، لتحويل شباب اليمن وقودا لمحارقها وحروبها دفاعا عن مشروع إيران الطائفي في البلاد.