منذ الوهلة الأولى من تسلم المستشار تركي آل الشيخ، مهام منصبه الجديد رئيسا لهيئة الرياضة، كانت ملامح المرحلة المقبلة للرياضة السعودية مبشرة، فهناك حراك إصلاحي جاد وحازم في تطبيق الأنظمة، والمثير في الموضوع هو تلك البداية المختلفة وأسلوب العمل المغاير والمفاجئ لنا، فهو على غير ما اعتدنا، من بدايات تقليدية لرؤساء يستلمون مهام عملهم وقد لا يشعرونك بحضورهم، إلا أن القيادة الشابة الجديدة خالفت ما ترسخ في أذهاننا، فمعالي المستشار باشر مهام عمله باندفاع قوي وجرأة كبيرة، مستخدما طريقة المفاجأة وعنصر الصدمة، وهو أسلوب معروف، طبقه بطريقته على الميدان الرياضي، ففجائية القرارات التصحيحية المتتالية والمتسارعة، كانت بمثابة تكتيك خاطف، شل به أركان الفساد وسيطر على مفاصله قبل التوغل في أعماقه، وفرض على الجميع سياسة الأمر الواقع الذي لا مفر منه، فأربك كل من لديه شبهة فساد أو مخالفة نظامية، وجعله يعيش في حالة ذهول، وليس لديه أي خيار آخر، سوى التسليم بالأمر وانتظار دوره في المساءلة، ثم الإعفاء والتحويل للنيابة العامة، وما صدر من حل لبعض إدارات الأندية، وإعفاءات وإحالات بعض المسئولين للنيابة العامة، وغيرها من الإجراءات غير المسبوقة، تؤكد لنا أننا أمام عاصفة حزم رياضية، ستصنع لنا مشهدا رياضيا جديدا ومثاليا!! نحن نعيش في عالم مفتوح وشفاف، فليس خافيا على كل متابعي الشأن الرياضي السعودي، تلك المخالفات والتجاوزات المتراكمة، التي انهكت جسد الرياضة، حتى وصلنا لمستويات غير جيده إقليميا وعالميا، فالمنتخب السعودي آخر عهده بالمنصات الإقليمية الآسيوية قبل 22عاما، وغاب عن المحفل الدولي قبل التأهل الأخير ب12 عاما، واحتل ذيل قائمة التصنيف العالمي، وكذلك الأندية السعودية ابتعدت كثيرا عن المنافسة على البطولة الآسيوية، وتستطيع قياس حجم الإخفاق، وأنت تتابع (فريق شركة مغمور) لأول مرة يشارك في بطولة كرة قدم آسيوية، استطاع خطف البطولة من أمام فريق سعودي جماهيري عريق على أرضه وبين جماهيره، اعرف أن كرة القدم لا تعرف صغيرا أو كبيرا، ولكني أعرض نموذجا يبين حجم ما وصلت له الرياضة السعودية من انحدار، وللأسف حدث هذا بعد ازدهار للرياضة السعودية وتسيدها للساحة الآسيوية، والانتكاسة لا بد أن لها مسببات جوهرية معروفة، وتحتاج لعلاج جذري يعيد الأمور لنصابها، ونحن نثق في إدارة معالي المستشار، الذي بدأ يفتح ملفات غطاها الغبار وطواها النسيان، وسيحدد من خلالها أوجه القصور ونواحي الضعف، ومن هنا بداية انطلاقة التصحيح تحت توقيع معاليه، فالرياضة أصبحت صناعة ومجال استثمار كبيرا، وبناء مؤسستها والاهتمام بها، سيصب في صالح اقتصاد الوطن. نراهن على نجاح برنامج الإصلاح والتطوير الرياضي، طالما توفرت أسباب نجاحه، المتشكلة في قيادة جادة تمتلك الكفاءة العلمية والعملية، وتتمتع بإرادة صادقة ورغبة حقيقية نحو التغير والتطوير، وكل ما يريده الجمهور الرياضي الذي فرح بإجراءات القيادة الجديدة وصفق لها وأيدها، هو فرض النظام فلا كبير فوقه، ويتطلعون لاختفاء مظاهر الفوضى والصراعات والتدخلات السابقة، وتهيئة الأجواء ليكون هناك تنافس رياضي شريف، وضرورة نبذ التعصب الذي يغذيه إعلام رياضي، عمق روح الكراهية بين الرياضيين، دون أن يجد من يحاسبه ويردعه، والشفافية مطلب الرياضيين الذين يتطلعون لإجبار الأندية على كشف قوائمها المالية بعد تدقيقها واعتمادها، بهذه الإجراءات المتوقعة والمنتظرة، سيُقطع الطريق على كل من يريد أن يجعل من الرياضة جسر عبور لأهدافه الشخصية!!