ما يحدث في الإعلام الرياضي هذه الأيام لا يمتّ للعمل الإعلامي ودوره بصلة، وتحديداً بعد تصريح الدكتور حافظ المدلج عضو هيئة دوري المحترفين واتهامه لبعض الإعلاميين بأنهم كهواتف الشحن مسبوقة الدفع؛ مما أثار حفيظة بعضهم، وتناقلت القنوات الإعلامية بمختلف أنواعها المحلية منها والخارجية هذا التصريح، وكأن الهدف من هذا إشغال الرأي العام بموضوعات جانبية حتى يبتعدوا عن مناقشة (الإخفاقات) الرياضية المتتالية ووضع الحلول المناسبة لانتشال رياضتنا وتحديداً كرة القدم. لا أعلم، لكن ربما أراد الدكتور حافظ من إطلاق تصريح كهذا (إشغال) الإعلاميين عن بعض القضايا المهمة والحساسة في رياضتنا، ومنح العاملين بمختلف الاتحادات - وتحديداً اتحاد كرة القدم المؤقت ولجانه- مساحة أكبر لتقديم عمل جيد، بعيداً عن ضغوط الإعلام ونقده. إن كان هذا ما يريده الدكتور حافظ فأعتقد أنه نجح نجاحاً باهراً بدليل أن الحوار والنقاش الإعلامي بعد هذا التصريح أخذ منحى آخر لا يمتّ لأدبيات المهنة بصلة، فعلى سبيل المثال أحد الإعلاميين تلفظ - على الهواء مباشرة- بعبارات لا يمكن أن تندرج تحت اسم الأدب واحترام الذوق العام. إعلامنا ترك مشاكل رياضتنا ونتائجها (المخجلة) وذهب في طريق آخر تحكمه الميول وناقش قضايا لن تقدم لمسيرة الرياضة السعودية أي جديد، بل على العكس تماماً ستغذي روح التعصب وإهمال مصلحة الوطن، وهنا كان من المفترض التوقف وتقويم الموقف بشكل أكثر واقعية ومصداقية. وفي حقيقة الأمر، يجب أن نعترف بأن العمل الإعلامي الرياضي لدينا يحتاج إلى لمزيد من التنظيم وتغليب مصلحة الوطن فوق كل شيء، ولا سيما أن المتابع الرياضي السعودي لا يعنيه ماذا قال هذا أو ماذا كتبت تلك الصحيفة، فكل ما يهمه هو عودة الكرة السعودية إلى سابق عهدها كدولة لها وزنها وثقلها الرياضي في القارة الآسيوية. الفساد موجود في كل المجالات، والحياة فيها الخير وفيها الشر، وهذا من طبائع الأمور وسنن الحياة، وكان حريّاً بإعلامنا أن يمارس دوره المهم والفعّال في محاربة الفساد، وتكون الرياضة من ضمن الوسائل المساعدة التي من خلالها نغرس فكرة محاربة هذه الآفة، ونجعلها ثقافة تفرض على كل مواطن مخلص العمل على عدم قبول أي تجاوزات تضر بمصلحة الوطن والمواطن مهما بلغت المغريات - لا أن نستخدم الفضاء والمنابر الإعلامية في تصفية الحسابات ونشر ثقافات مقيتة لا تخدم المصلحة العامة في شيء! ما فعله الدكتور حافظ المدلج أمر يُشكر عليه؛ فقد نجح في كشف الأقنعة وظهرت الوجوه القبيحة في وسطنا الإعلامي، واتضح أمام الرأي العام ملامح بعض ممّن تبنوا الفساد الإعلامي الرياضي وعملوا طول السنوات الماضية على تغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن. الإعلام الرياضي السعودي كان بحاجة لتصريح كهذا حتى يعود إلى جادّة الصواب، ولعلها تكون البداية؛ إذ يجب أن تكون هناك متابعة ورقابة بشكل أدق على العمل الإعلامي الرياضي، وإعادة صياغته وفق قوانين وأنظمة واضحة ورادعة، وهذا الأمر لن يحدث إلا من خلال تفعيل الدور الرقابي من قبل وزارة الثقافة والإعلام بشكل يضمن إيجابيات العمل الإعلامي بكل توجّهاته المفيدة بمختلف أقسامه؛ فلا يمكن أن ننظر لمصلحة رياضتنا وهناك من يعمل من أجل الأندية كمصلحة عليا، فهذا أمر فيه إضرار وتراجع، ولعل السنوات التي سبقت سنوات نكسة الرياضة السعودية خير دليل على روح الوطن الواحد التي كان نتاجها إنجازات غير مسبوقة على مستوى قارة آسيا. أيضاً لا يمكن أن نتجاهل دور هيئة الصحفيين، فهي شريك مهم ورئيسي في هذا الأمر، ومنوط بها عمل كبير لا نجده واضحاً على أرض الواقع، حيث إننا لا نسمع عن اجتماعات للهيئة، ولا قرارات ولا توصيات تصدر عنها تصبّ في خدمة الإعلام بشكل عام وتضبط انفلات إعلامنا الرياضي بشكل خاص! سلطان الزايدي