قال خبراء إن قرار المملكة إنهاء الحظر على قيادة المرأة للسيارة قد يوفر للأسر مليارات الدولارات، ويعزز قطاعات مثل مبيعات السيارات والتأمين، ويؤكد للمستثمرين أن مسعى المملكة لتنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط يمضي في مساره. وأكدت "رويترز" أنه من المنتظر أن يشجع القرار أيضا على انضمام المزيد من النساء إلى قوة العمل ويزيد الإنتاجية في الاقتصاد، بالرغم من أن محللين يتوقعون أن يكون الدعم للنمو متواضعا في البداية. .وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يوم الثلاثاء بالسماح للنساء بقيادة السيارات، لينهي حظرا جعل من الصعب على الكثير من النساء العمل وأجبر الكثير من الأسر السعودية على أن توظف سائقا واحدا على الأقل لنقل الإناث من أفراد الأسرة. أكدت على أن الأمر الملكي يبشر بتغيير نمط حياة الملايين. ويوجد في المملكة حوالي عشرة ملايين امرأة، بما في ذلك من الأجانب، تزيد أعمارهن عن 20 عاما. ويعمل 1.4 مليون أجنبي تقريبا كسائقين للأسر ويحصلون على رواتب تبلغ نحو 500 دولار شهريا بالإضافة إلى السكن والغذاء. وهناك من المرجح أن تزيد دخول الأسر المتاحة للإنفاق مع قيامها بالاستغناء عن سائقيهم. وبحسب تقديرات صحيفة (مال) السعودية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية فإن إجمالي دخل السائقين في الوقت الحالي يبلغ نحو 8.8 مليار دولار سنويا. وقالت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري "انتفاء الحاجة إلى سائق للأسرة، حتى إذا لم تكن المرأة تعمل، سيساهم في تعزيز الدخل الحقيقي للأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض". وأضافت : يرسل السائقون معظم رواتبهم إلى بلدانهم الأصلية، وسيقلص رحيلهم هذه التدفقات، مما يترك المزيد من احتياطيات النقد الأجنبي متاحة للدفاع عن العملة السعودية في مواجهة ضغوط ناتجة عن انخفاض أسعار النفط. وسجلت السعودية عجزا في الحساب الجاري بلغ 27.6 مليار دولار في العام الماضي. وأوضحت "إف.جي.إي" لاستشارات الطاقة زيادة نشاط قيادة السيارات في المملكة بنسبة عشرة في المئة بفعل قيادة المرأة قد يضيف 60 ألف برميل يوميا إلى الطلب المحلي على البنزين. وعلى الرغم من أن المملكة هى أكبر مصدر في العالم للنفط فإنها مستورد صاف للبنزين. وقالت مالك إن مبيعات السيارات السعودية قد تتلقي دعما قصيرا واستثنائيا في الأشهر المقبلة مع شراء النساء للسيارات قبل فرض ضريبة القيمة المضافة المقرر في يناير كانون الثاني 2018. لكن في حالات كثيرة فإن النساء قد لا يحتجن إلى الشراء لأن باستطاعتهن استخدام السيارات التي سيتركها السائقون المغادرون. وارتفعت أسهم الشركات التي تبيع التأمين على السيارات يوم الأربعاء، فيما زادت أسهم الشركة السعودية لخدمات السيارات والمعدات التي تعمل في تقديم الخدمة للسيارات 1.6 في المئة وقفزت أسهم شركة المتحدة الدولية للمواصلات، التي تعمل تحت اسم بدجت السعودية، المتخصصة في التأجير والتأجير التمويلي للسيارات 4 في المئة. وقال أنيل ماثيو ابراهام المدير الإقليمي لبدجت "بالتأكيد نحن زيادة في أعداد السيارات فيما يخص التأجير قصير الأجل، لكن من المبكر جدا تحديد رقم". وتهدف إصلاحات دشنها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي إلى زيادة مشاركة المرأة في قوة العمل لتصل إلى 30 بالمئة بحلول 2030 من 22 بالمئة حاليا. وقد يزيد السماح للمرأة بقيادة السيارة في نهاية المطاف الضغط لإزالة عقبات أخرى أمام توظيفها مثل نظام ولاية الرجل. وقالت مالك "أي تغيير اقتصادي سيكون تدريجيا على الأرجح مع ضعف البيئة الأساسية للنمو، لكن الأثر الاجتماعي والشعور الإيجابي تجاه خطة التحول سيكون كبيرا". وقال خالد الخضير الرئيس التنفيذي لجلوورك، وهي وكالة توظيف تقدم خدماتها للنساء، إن هناك ما يتراوح بين 400 ألف و450 ألف فرصة عمل متاحة للمرأة في قطاع التجزئة، لكن الكثيرات منهن ليس في مقدورهن استئجار سائقين لاصطحابهن إلى العمل. وأضاف قائلا "سيساعد هذا القانون في منح مئات الآلاف من النساء سهولة في الحركة والانتقال. المواصلات هي العقبة الرئيسية التي نواجهها، لذلك فإن هذه خطوة رائعة". وتفتقر المواصلات العامة في أجزاء كثيرة من المملكة إلى التطوير. وفي حين تسعى الحكومة إلى تغيير هذا، وتبني شبكات للمترو في مدن رئيسية مثل الرياض، فإن الكثير من النساء يحجمن عن السفر بمفردهن في العلن. وقد تتمثل إحدى أكبر فوائد الإعلان في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين في أن الأمير محمد راغب وقادر على المضي قدما في إصلاحات بعيدة المنال للاقتصاد. وفي الأشهر القليلة الماضية، أدى ضعف الاقتصاد إلى قيام الحكومة بتأجيل أو حتى التراجع عن بعض الإصلاحات، وعلى سبيل المثال جرى تعليق زيادة جديدة في أسعار الوقود. لكن قرار الرياض تجاهل المحافظين اجتماعيا من خلال رفع حظر القيادة يشير إلى أن القوة الدافعة للإصلاح ما زالت قوية. وقال جون سفاكياناكيس مدير مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض "التصميم على الإصلاح واضح في الوقت الذي يجري فيه تشييد مملكة سعودية جديدة أمام أعيننا".