ونحن نحتفي بالذكرى السابعة والثمانين لتوحيد هذه البلاد، نستحضر رحلة الملك المؤسس عبدالعزيز، طيب الله ثراه، في توحيد المملكة بعد ملحمة بطولة عظيمة قادها، وسار على نهجه أبناؤه البررة من بعده. حطم المستحيل، فمن يصدق كل هذا التحول العظيم؟!! من صحاري جرداء وبداوة، وقبائل متناحرة ممزقة، لشعب واحد، ولحمة واحدة، مترابطة متحابة، في وطن واحد، وتحت راية واحدة راية التوحيد. مراحل ثرية حافلة بالإنجازات تجسدت في إرساء أسس التطور، وبناء قاعدة اقتصادية صلبة، وضعت الوطن في مصاف القوى الاقتصادية المنتجة والمصدرة، فمن صحراء قاحلة لصحراء تنتج ذهبا!! تدفقت الخيرات وارتفع شأن البلاد فاكتسبت احترام وتقدير المجتمع الدولي كله، وتبوأت بذلك مكانة مرموقة بين دول العالم. المملكة اليوم لها اسهامات عالمية بارزة تتناسب مع رسالتها في المجموعة الدولية سياسيا واقتصاديا في كافة المجالات، إضافة إلى مركزها العربي والإسلامي المتميز الذي استقطب اهتمام واحترام الجميع. علينا جميعا، وعلى كل مسئول بحسب اختصاصه، مراجعة مستوى ما أنجزه للوطن، وتقييم هذا الإنجاز، ومقارنته بما تحقق خلال الأعوام الماضية، ومحاربة أوجه مظاهر الفساد، واجتثاثها من جذورها أينما وجدت، وهذا أقل القليل الذي نقدمه وفاء وولاء لهذا الوطن. نحن الوطن والوطن نحن، لا يشك أحد في ذلك، حب وانتماء ولاء ووفاء وشعور وإحساس لا يختلف فيه اثنان، هذا الحب ليس وليد الساعة ولا حب مصلحة أو حب غاية، وإنما هو فطرة المولى جل وعلا، فطرها سبحانه في الإنسان على تنوع أعراقه واختلاف مشاربه. طبيعة طبع الله النفوس عليها. حب أساسه البناء وقوة التماسك ووحدة الشعب والقيادة في السراء والضراء، حب لا بالمشاعر والأحاسيس، ولكن بالنوايا الحسنة المخلصة للوطن تترجمها أعمالنا الخالصة من شوائب الفساد وحب الذات، فهذا الوطن ليس ككل الأوطان، هذا الوطن قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ومسرى نبي الهدى عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم. أدام الله لهذا الوطن وقيادته وشعبه، نعمة الأمن، والاستقرار، والرخاء. عاش سلمان العز والكرامة، وعاش ولي عهده الأمين، وحفظك الله يا وطني فلست ككل الأوطان.