قلت في السابق وسأقول اليوم وسأردد دوماً.. نحن الوطن والوطن نحن، لا يشك أحدٌ في ذلك، حبٌ وانتماءٌ، ولاءٌ، ووفاءٌ، شعورٌ وإحساسٌ لا يختلف فيه اثنان، هذا الحب ليس وليد الساعة ولا حب مصلحة أو حب غاية وإنما هو فطرة المولى جلّ وعلا فطرها سبحانه في الإنسان على تنوع أعراقه واختلاف مشاربه. حبنا لهذا الوطن حب فطري، حب ايجابي صادق، شعور لا يعادله شعور، وتفانٍ كبير. ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فحب الوطن لم يأت من فراغ «ما أطيبَك من بلدٍ! وما أحبَّك إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنتُ غيرَك»، قالها الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وهو يودِّع وطنه، بكلمات تحدث بها القلب وعبرت عن عمق محبته صلى الله عليه وسلم لمكة المكرمة للوطن الغالي وتعلقه بحلّها وحرمها بمائها برملها بصخورها بجبالها بوديانها. كلنا عيون ساهرة تحمي وتتضامن وتصنع من أرواحها وأجسادها وأبنائها سداً منيعاً يقف في وجه كل من تسول له نفسه أن يجترئ على هذا الوطن ويهدد أمنه واستقراره. وفاء وولاء للوطن هذا المؤمّل من المواطن المخلص لوطنه ومليكه الذي يثبت ولاءه في الرخاء كما يثبته في الشدة، هذا هو المواطن الجوهر، المعدن الذي لا يصدأ. وطن لا ينسى فضله إلاّ جاحد أو عديم الضمير، وطن قدّم وأعطى من خيراته لشعبه، ربَّى وأنشأ، وغذّى، وعلَّم، وثقّف، وحمى وأمَّن الاستقرار والأمن والأمان. الإنسان الطبيعي من يعترف بالجميل ويبرهن صدق وطنيته وإخلاصه قولاً وفعلاً، وهذا ما أثبته هذا الشعب الوفي بردة الفعل الإيجابية المباشرة للوطن، وللميزانية بكل تفاصيلها. ولأننا فداء للوطن وسنظل وغير آسفين على شيء إلاّ على أننا لا نملك سوى حياة واحدة نضحي بها من أجله. كانت ردود أفعال إيجابية من الشعب الوفي ظهرت واضحة معبرة عن إخلاص شعب وفي لوطنه، ظهرت وانتشرت في جميع مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف، حتى الهواتف النقالة كان لها نصيب كبير في التعبير عن إيجابية المواطن المخلص فامتلأت بالرسائل الإيجابية التي تدل على الوعي الكامل وإثبات أننا بخير مقارنة بالدول الأخرى في مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار. نحن الأفضل من الكثير من الدول وعلينا واجب الشكر والتكيف مع كل الظروف التي طرأت لأسباب لا يجهلها المواطن الواعي، فتكلفة الحروب وانخفاض أسعار النفط من 114 دولارا للبرميل إلى 35 دولارا لم تكن خافية على أبناء هذا البلد الحبيب نساءً ورجالاً وشيوخاً وشباباً وبالرغم من كل هذا أقول: نحن بنعمة ولله الحمد. المعيشة في حالة ثبات وإن حدث تغيير بسيط هذا ما أكده رجال أعمال وأخصائيون اقتصاديون سعوديون بعد صدور الميزانية بأن ليس هناك ما يدعو للقلق ولم تمثل الميزانية صدمة للقطاع الخاص. وأيضاً المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزراء المعنيّون ساهم في توضيح أهمّ ما ورد في الميزانية وطمأنة المواطن، وأجابوا بكل شفافية عن كل سؤال يهم المواطن والمهتم باقتصاد المملكة. الشعب أثبت أنه النموذج الأمثل للمواطن الصالح في موقفه النبيل بتفهم الظروف والتكيف مع الواقع وتقدير قيادته ومواقفها الصامدة في مواجهة التحدّيات وتعاملها مع المتغيّرات واتجاهها للتحول وتعدد مصادر الدخل وتنويعه، عهد جديد لإصلاحات جذرية نحو استدامة الاقتصاد وصولاً لرفاهية المواطن «المواطن» أكبر اهتمامات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وكلمته لأبنائه رسالة مطمّئنة. وطننا يحتاج منا الوقوف معه في كل الأوقات، ومن واجبه علينا المحافظة على مكتسباته وأن ننظر إليه بعين المحب الداعم لا بعين الحاقد الناقم. نراجع سياستنا في الإنفاق، ونكون عوناً ومعيناً، هدفنا أساسه البناء وقوة التماسك ووحدة الشعب والقيادة في السراء والضراء وبنوايا حسنة مخلصة للوطن تترجمها أعمالنا الخالصة من شوائب الفساد وحب الذات، فهذا الوطن ليس ككل الأوطان، علينا أن نتحول ونقبل التغيير ورب ضارة نافعة. بالمناسبة لا أحد يعلم بما يمكن حدوثه من مفاجآت في سوق النفط وما يخبئه لنا ربنا من خير كثير من كل المصادر.