في كل دول العالم وخاصة المتقدم منها ليس بالضرورة أن يكون وزير الصحة طبيبا ولا وزير التعليم معلما ولا وزير العدل قاضيا، وكذلك هي وظائف المسؤولين ما دون ذلك أيضا، وهذا أمر مُسلّم به لأن الفكر الإداري المميّز هو الفيصل في اختيار الشخص الكفء المناسب للمكان المناسب، إضافة للمؤهلات العلمية والخبرات اللازمة للوظيفة الشاغرة، وبعد التعيين يتم ربط تقييم الموظف المسؤول بمؤشرات أداء تحدثت عنها بتفصيل قبل سنتين بمقالة (المناصب ومؤشرات الأداء)، ولكن ما يهمني في هذه المقالة هو الحديث عمّا يعرف بالكفاءة Competency في الموارد البشرية، وهي الأمر الأكثر دقة الذي يحتاج أي منصب أو أي وظيفة شاغرة أن تتوافر في المرشح لتحقيق الأهداف المطلوبة. والتي تُعرّف على أنها القدرة أو المهارة المميزة للشخص في مجال محدد أو قسم معين يرتكز عليه النجاح بذاك المنصب. فمثلاً إذا كانت وزارة التجارة أو هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستهدف تطوير فئة الرياديين ومنشآتهم فيجب أن يكون جملة من قيادييها من الإداريين المميزين الذين لديهم الكفاءة والخبرات التراكمية في ممارسة هذه الأعمال، وإن كانت وزارة العمل مثلاً تستهدف القطاع الخاص في وضع حلول للتوطين فيجب أن يكون جملة من قيادييها من الإداريين المميزين الذين لديهم الكفاءة في هذا القطاع ممن لديهم تجارب ناجحة في تحويل تحديات التوطين إلى قصص نجاح، وإذا كانت وزارة الإسكان مثلاً تستهدف حلولاً تمويلية لحلحلة أزمة الإسكان فيجب أن يكون جملة من قيادييها من الإداريين المميزين الذين لديهم الكفاءة في الحلول المالية والتسويقية أيضا، وإذا كانت وزارتا الصحة والتعليم مثلاً يأملان في تطوير كوادرهما البشرية فلا بد أن يكون جملة من قياداتهما من الإداريين المميزين الذين لديهم الكفاءة في إدارة وتطوير الموارد البشرية، كل تلك أمثلة لأشخاص قد يضعون حلولاً عملية لتجاوز أي تحديات بعيدة كل البعد عن أي تنظير أو أي اجتهاد. وأخيراً يجب أن يعي كل إداري ومسؤول تكلفة وحجم خسارة تعيين الشخص الخطأ أو حتى الذي لا يمتلك الكفاءة المطلوبة، ومستشارو الموارد البشرية المتمكّنون يستطيعون صنع الفارق في هذا الشأن خاصة بما يتعلق بالاختيار والتعيين والاستقطاب، لذا فالمؤهل العلمي ليس كافيا، والخبرات العريضة ليست هي كل المطلوب، والمهارات الشخصية والعلاقات العامة هي جزء من القصة، وفي حال تقدم بضعة أشخاص لديهم مؤهلات علمية وخبرات متقاربة، فمن سنختار إذن؟ لذا قبل أن نختار الشخص المناسب لنفكّر بما تحتاجه الوظيفة من قدرات ومهارات محددة وبناء على ذلك نبحث عن تلك الكفاءات Competency في الأشخاص ذوي الخبرات والمؤهلات العلمية المناسبة.