فن اجراء المقابلات الشخصية تخصص يتم تدريسه لمختصصي الموارد البشرية أو حتى للمسئولين الذين يواجهون عمليات الاختبار والاختيار للتوظيف لتزويدهم بالمهارات اللازمة للاعداد والانتقاء، ولكن هناك من يستهين بذلك ويعتبره بيروقراطية إدارية لا داعي لها أصلا وقد يطالب بالاكتفاء بعمل المقابلة والاختيار عبر الورق أو الهاتف أو مكاتب الاستقدام توفيرا للتكلفة أو مثلا عن طريق المشرف المباشر للموظف المطلوب توظيفه فقط واختصار بقية الإجراءات، وقد يكون ذلك صوابا أن كان المقصود هو اختيار عمالة غير ماهرة، أما لغير ذلك فيجب ألا يكون الاختيار بيد شخص واحد وبدون اعداد مسبق لأنه مهما بلغت الخبرة في هذا المجال فستكون مختصة بجوانب محددة دون أخرى وقد لا ينتبه لخطأ الاختيار غير المناسب إلا بعد فوات الأوان! وأود أن أسهل على القراء ما أعنيه عبر سرد بعض الأمثلة العشوائية (مجرد شرائح) والتي تحصل عند إجراء المقابلات والاختيار من أرض الواقع وعليكم الحكم بأنفسكم. كم هو سهل اختيار عامل انتاج في مصنع مثلا، والموضوع لا يتعدى أن تفحص قدراته الذهنية والعضلية والعلمية (إن تطلب الأمر) ثم يوظف بناء على تقرير مشرف الإنتاج أو مسئول المصنع وبعد مدة نكتشف أن العامل شره التدخين (يعني يدخن سيجاره كل عشر دقائق) والتدخين ممنوع اصلا داخل المصنع، يعني يستأذن ويضيع خمس دقائق كل عشر دقائق كي يدخن في الخارج! تصوروا كم ساعة انتاج تضيع بسبب أنه لم يسأله أحد أن كان يدخن أم لا قبل توظيفه!، أو قد يتضح لديه عمى ألوان، أو عشى ليلي، يعني مايميز ولا يستطيع أن يعمل بالليل (نظام ورديات) أو يفرق بين الأحمر والأزرق عند مواجهة الخطر!.(وهذا ينطبق على الكثير من الموظفين المدخنين أيضا في الوظائف الأخرى والمواقع الممنوع التدخين بها). مهندس يتم اختياره لخبرته في تنفيذ مشاريع سابقة، وعند ارساله لمتابعة مشروع خارج النطاق العمراني يعتذر بحجة أسرته والأولاد بالمدارس والزوجة بالعمل والخادمة بالبيت، الخ! المسكين اعتقد أن وظيفته على مكتب داخل البلد وعند الغروب يكون في البيت مع أم العيال، يعني ما سأله أحد إن كان يستطيع مواجهة ظروف أعمال ميدانية لمشاريع في أماكن متعددة خارج المنطقة ولفترات غير محددة (وهذا ينطبق على الموظفين المطلوب تجوالهم بين المدن والقرى من التخصصات الأخرى). بياع يتم اختياره على الورق لخبرته كي يعمل بائعا متجولا أو بائع معرض وربما يقود سياراة فان ليوصل البضائع بنفسه للعملاء ويحاسبهم أيضا، وبعد توظيفه نكتشف أنه كان بائع قطع غيار أو مواد جملة في مستودع ولا يعرف قيادة السيارة ولا يستطيع أن يحمل أو ينزل البضائع عدا أن شخصيته غير مرنة بالتعامل مع الزبائن من الجنسيات المختلفة وما يحب الوقوف بالعمل (الأخ يبي كرسي يجلس عليه). موظف يعين وفق مقدرته العلمية على وظيفة تحتاج لمهارات في مقابلة المراجعين والتعامل معهم، ويكتشف بعد ذلك أن شخصيته خجولة جدا أو مضطربة وعدوانية ولا يستطيع أن يواجه أو يحل أي مشكلة بل ربما يوجد ويزيد المشكلة سوءا مع العملاء (يعني توظيف شهادات بس). شخص يعين كأمين صندوق أو مستودع أو حتى محصل، وهو في الأصل مفصول من عدة جهات سابقة لعدم كفاءتة أو تسيبه بالعمل أو حتى خيانته للأمانة بالعمل، وآخر قد يعين كموظف علاقات وما يعرف إلا وين مبنى الجوازات أو مكتب العمل وكأن العلاقات هي التعقيب (المهم ثوب وغترة). من يسأل السائق قبل توظيفه كم مرة عمل مخالفة مرورية أو حادثا مروريا قبل أن يلتحق بالعمل أو حتى أن كان يستطيع العمل لساعات طويلة أو خلال أيام العطلات، وللأسف نكتشف أن جميع المشاكل والعيوب مرت عليه وهو كثير الحوادث وغير صالح للعمل إلا بالاسم (وكم سائق سبب إفلاس تاجر). والمشكلة الأكبر أن جميع من يصروا على نظرية الرأي المنفرد بالاختيار يجتهدون أصلا في البحث عن مرشحين لديهم قدرات أكبر من حاجة الوظيفة نفسها براتب بخس (يعني زيادة الخير خيرين) ثم يتأففون لاحقا بأن الموظف أخذ الخبرة منهم والتحق مع منافسهم براتب ووظيفة أعلى!، طبيعي طالما مؤهلاته وخبراته أعلى من حاجة الوظيفة فلن يكون مناسبا لها (الزيادة مثل النقصان هنا) ويا ذكي اقنع!