أكاد أجزم بأن الكثير منكم قد شاهد المقطع الذي سجله أحد المواطنين للوافد الهندي الذي تكفل ولأكثر من عقدين لمساعدة تلك المرأة السعودية العجوز، والتي كانت بحاجة لغسيل كلوي مرتين في الأسبوع، لا بحثا عن مال، إنما بحثا عن الأجر والثواب من رب العباد، كما قاله هو وكما أكدته تلك العجوز. ومن الطبيعي أن ينال هذا الوافد «الإنسان»، إعجاب الناس وتقديرهم واحترامهم تقديرا لشهامته. وقد زاد اهتمام كل من تابع ذلك المقطع، إتقانه للهجة السعودية، لدرجة أن رجال التفتيش الأمني، لم يصدقوا أنه يحمل الجنسية الهندية وليس مواطنا سعوديا. القصة الثانية والتي اجزم أنكم لم تنسوها، هي قصة الشهيد بإذن الله الباكستاني السيد «فرمان علي خان» والذي استطاع أن ينقذ 14 شخصا من الغرق خلال السيول التي اجتاحت جدة عام 1430، قبل ان يلقى حتفه غرقا بعد تلك الملحمة البطولية، تاركا والده وبناته الثلاث، والحمد لله أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يرحمه الله، قد منحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، تقديرا لتضحيته وبطولته. ما دعاني للإشارة لقصة الهندي والعجوز، واسترجاع قصة الباكستاني الشهيد، هو ما نلاحظه على البعض، من نظرات سلبية تجاه كل وافد، وكأنه عدو لهم، أو مرض يجب التخلص منه. لقد خلق الله أصابع اليد غير متساوية، وكأنه سبحانه يذكرنا بأن الناس ليسوا سواسية، ولا يجوز لنا تعميم النظرة السلبية على كل وافد حل ضيفا على وطننا. أنا متأكد بأن هناك الكثير من النماذج الطيبة الكريمة من الوافدين، الذين ضحوا بأشياء كثيرة لأناس عاشوا معهم وأحبوهم كما لو كانوا جزءا من عائلاتهم. والذي أعرفه تمام المعرفة أن غالبية الشعب السعودي، هو شعب طيب متسامح، عاطفي وكريم، فلماذا إذن نسيء لأنفسنا بأنفسنا!؟ لماذا لا نترك صورا جميلة في أذهان هؤلاء الضيوف لينقلوها معهم لبلدانهم وشعوبهم وصحافتهم!؟ الوافد يعيش في غربة والغربة كما يقال كربة، ومن فرج لأخيه كربته في الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة. ولكم تحياتي