شدد مختصون في المجال البيئي خلال مشاركتهم في ندوة «اليوم» بمكتب جدة عن الواقع البيئي بالمملكة، على أنه من الضروري دعم وتعزيز دور المجالس واللجان والمنظمات والجمعيات البيئية؛ للمحافظة على البيئة والسياسة التنموية للتخطيط السليم في التطوير والتنمية. وطالبوا بوضع الاعتبارات البيئية في المقدمة والتنسيق مع الجهات المعنية وعدم استثناء أي حالات مخالفة للأنظمة البيئية ما لم يكن ذلك عائدًا لأسباب أمنية حتى لا يؤخذ كقاعدة ويؤخذ في الاعتبار المنظور البيئي للمملكة، والموقع الجغرافي والتاريخي، والتضاريس، والأنظمة التجارية والصناعية، ودعم الرأي العام لقضايا ومشاكل البيئة والتوعية على مختلف المستويات. وأكدوا على بحث مصادر التمويل وآلية التنفيذ والخطة وبرامج العمل وتحديد الفترة الزمنية والمتابعة والإشراف وتقارير دورية لاستعراض النتائج وتحقيق الأهداف والمحاسبة، وتفعيل دور التفتيش والتحقيق والمساءلة وتطبيق الجزاءات والعقوبات على المخالفين، وإعادة هيبة القانون والتقيد بالأنظمة، مشيرين إلى ان حماية البيئة والتنمية المستدامة احتلت اهتمام العالم بأسره؛ لإدراكه مدى التأثيرات السلبية المترتبة على تدهور الأوضاع البيئية في البلاد في حالة إهمالها، إضافة إلى صدور العديد من الأنظمة والمعاهدات والقوانين الدولية التي تنظم طريقة التعامل مع بعض المؤثرات البيئية في الأنشطة الصناعية، ويتطلب الالتزام بها داخليا وخارجيا في أي دولة باعتبار أن البيئة ليست حقا مشاعا لأي دولة أو أفراد. وكشفوا أن المملكة من أوائل الدول النامية التي أنشأت إدارات متخصصة للبيئة ولكن لم يتم تطبيق النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية فيها إلا في سنة 2007 فقط وتسبب ذلك في تردي الوضع البيئي وعدم القدرة على السيطرة عليه، الأمر الذي ترتب عليه بذل جهود كبيرة لتصحيح الوضع وتلافي الخطر. وأكدوا ان الجهات الحكومية والمؤسسات العامة تتحمل من 70 - 80 % من المسئولية لان النمو غير المقنن وتجاوز قدرات المرافق وتزايد معدلات الاستهلاك، وتعارض مصالح بعض المشاريع القائمة مع الاشتراطات البيئية، وانقراض نشاطات المجتمع المدني والجمعيات البيئية أدى كل ذلك لتفاقم الأوضاع . د. أحمد عاشور عاشور: أضرار التلوث قد يمتد أثرها لسنوات قادمة أكد وكيل هيئة الأرصاد وحماية البيئة سابقًا د. أحمد عاشور أن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية البيئية وعدم القدرة على السيطرة عليها وبالرغم من الجهود المبذولة والاعتمادات والمخصصات المالية الكبيرة التي اعتمدت للجهات المعنية في السنوات الأخيرة للعمل على معالجة الخدمات والمشاريع المتعلقة بالبيئة إلا أن كل ذلك لم يحسن الصورة تجاه التلوث البيئي والأضرار الخطيرة التي حدثت خلال السنوات الماضية والتي قد يمتد أثرها إلى سنوات عديدة قادمة، وقد يكون مؤشر التقييم البيئي للأمم المتحدة في سنة 2012 خير مثال لعمل ذلك، حيث احتلت المملكة المرتبة 130 ضمن 132 دولة، وهذا يجب أن يشعرنا بالخزي أمام الإمكانيات الضخمة المتوافرة والتقدم التقني الهائل في كثير من المجالات ويرجع ذلك للأسباب التالية: تأخر إصدار واعتماد النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية وغياب عنصر التخطيط والتنظيم في أجهزة الدولة فيما يخص البيئة، وعدم تطبيق الأنظمة وعدم التقيد بالتعليمات البيئية وعدم التنسيق بين الإدارات المسئولة في الدولة فيما يخص العديد من المشاريع التي تخص الوضع البيئي لها، والتخبط في اتخاذ القرارات والتصرفات العشوائية والارتجالية بلا دراسة من ذوي الاختصاص والخبرة، والتأخر في اتخاذ أو تطبيق القرارات المناسبة والعوامل الوقائية، والإهمال أو اللامبالاة في متابعة وتنفيذ المشاريع والخدمات البيئية واستشراء الفساد في تنفيذ بعض المشاريع الخدمية الهامة وغياب المحاسبة والعقاب. د. علي عشقي عشقي: مياه الصرف الصحي تحتاج لمعالجة قال الخبير البيئي د. علي عشقي إن مشاكل الصرف الصحي وخاصة في جدة تعتبر إرثًا منذ 30 عاما، فالمؤسسات الحكومية لم تضع أساسًا للبنية التحتية للصرف الصحي ومحطات المعالجة لا تؤدي الغرض خاصة أن بعض هذه المحطات لها أكثر من 30 عامًا ومع توسع المدن وزيادة السكان أصبحت مصدر إزعاج وروائح داخل الأحياء السكنية، إضافة إلى ما يتم رميه في البحر. وأضاف: بما أن التقنية العالمية المستخدمة في معالجة مثل هذه الأمور باهظة، فيمكن أن نعالج ذلك بطرق طبيعية من خلال تخصيص مواقع غير مكلفة تتم بها المعالجة عن طريق ضوء الشمس خاصة أن الأجواء في المملكة تساعد في ذلك. وأضاف ان الكثير من بلدان العالم تستثمر مياه الصرف الصحي ويعود ذلك بملايين الريالات على الدولة فيما نحن ندفع المليارات على عملية المعالجة ومع ذلك الأضرار في تفاقم. وأكد د. عشقي على أنه إن لم يحسن التعامل واتخاذ القرارات بصورة فورية وإيجاد الحلول المناسبة فسوف يؤدي ذلك لا محالة إلى كارثة بيئية لا يعلم عواقبها سوى الله سبحانه وتعالى، وستكون تكلفة الإصلاح أكثر بكثير من تكلفة الوقاية مما يتطلب إدراك المشاكل البيئية وتحديد أسباب القصور ومصادره والاعتراف والإقرار بها سواء داخليا أو خارجيا والتأثيرات والنتائج المستقبلية في حالة استمرار التدهور. د. عبدالرحمن الشهري الشهري: دخول القطاع الخاص في إدارة محطات الصرف أوضح مدير إدارة التشغيل للشركة الوطنية للمياه د. عبدالرحمن الشهري أنه في السابق كانت محطات الصرف تبنى وتمول وتشغل من الجهات الحكومية وتكون هناك عقود تشغيل وصيانة لبعض المحطات ولكن تبقى الملكية والمسؤولية للجهات الحكومية المعنية. وحاليا تتوجه شركة المياه ضمن خطة الوزارة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار المباشر في محطات معالجة الصرف من تمويل وبناء وتشغيل طويل المدى بنظام BOT، وكان باكورة ذلك ما أعلن مؤخرا في وسائل الإعلام عن البدء بطرح عدة مواقع محطات من ضمنها محطة بجدة المطار 2 بسعة 500 ألف متر مكعب، وهذا سيوفر التشجيع للقطاع الخاص لاستغلال الفرص الاستثمارية المتوافرة في قطاع الصرف الصحي غير المستغلة بالكامل الآن. واعتبر أن مشكلة التلوث البيئي من مياه الصرف الصحي ناتجة عن عدم وجود إقبال من قبل القطاع الخاص في السابق باعتقادهم انه غير ربحي ومدينة جدة تختلف عن باقي المدن لعدم وجود او اكتمال البنية التحتية للصرف الصحي فيها ومنذ عشر سنوات هناك محاولات لمعالجة الوضع وقد وجدنا ان الأحياء التي كانت توجد فيها شبكة ومحطات معالجة في حاجة إلى تغيير محطات المعالجة وعمل شبكة؛ نظرا لان اغلب هذه المحطات والشبكة لها اكثر من 30 عاما وغير قادرة على استيعاب الكميات التي تصل لها حاليا وعملية تنفيذ الشبكة تتعارض مع بعض الخدمات الأخرى في عملية إغلاق الشوارع وإزالة الأسفلت وتعطيل باقي الخدمات الأخرى ومن الأفضل ان شبكات الصرف الصحي يجب ان يتم تنفيذها قبل أي خدمات أخرى. وأضاف: «قبل حوالي 10 سنوات جميع مياه الصرف الصحي كانت تعالج معالجة ثنائية وحاليا 95% من المياه تعالج ثلاثيا فيما المحطات التي كانت داخل الأحياء السكنية تم الاستغناء عنها من خلال تحويل الشبكة للمحطات الحديثة في الجنوب والشمال لجدة وتتم معالجة 600.000 متر مكعب يوميا فيها، والمياه المعالجة ترسل للبحر حسب المواصفات أما المياه الملوثة فلم نعرف مصدرها خاصة التي تصب في البحر ومن شبكات وخطوط خارج خطوط الشبكة، فتلوث البحر يرتبط بمصادر أخرى مخالفة وليس بسبب المياه المعالجة من شركة المياه الوطنية». د. أنور النهدي النهدي: 400 مفتش لتطبيق معايير البيئة قال مدير عام الإدارة العامة للتأهيل والتقييم البيئي بهيئة الأرصاد وحماية البيئة د. أنور النهدي إن هيئة الارصاد وحماية البيئة خصص فيها اكثر من 400 مفتش مهام عملهم الجولات التفتيشية على المنشآت لمعرفة مدى تطبيق المعايير البيئية فيها ورصد المخالفات الجسيمة، وقد تم الدخول والتفتيش على اكثر من 13 ألف منشأة خلال ستة آلاف جولة وقد تم رفض إقامة بعض المحطات الكهربائية في محافظة رابغ، مشيرا إلى ان مبادرات الهيئة تم ضمنها اعتماد إنشاء وحدة مركزية لمراقبة جودة الهواء والانبعاث من المصدر، ومبادرة إنشاء برنامج وطني للمراقبة البيئية على المياه الجوفية، ومبادرة مراقبة الصرف من المصدر، ومبادرة الإدارة المتكاملة للنفايات الصناعية والخطرة، ومبادرة تفعيل البرنامج الوطني للسلامة الكيميائية، ومبادرة التقييم البيئي الاستراتيجي للقطاعات التنموية ضمن برنامج التحول الوطني، ومبادرة رفع كفاءة عملية وآليات الاعتماد والتراخيص البيئية، ومبادرة الفحص البيئي الدوري لمحطات الوقود، ومبادرة الرقابة السليمة للنفايات البلدية وتشجيع تدويرها، فيما دعمت الدولة الهيئة عبر عدد من القرارات السامية مثل الطلب من الجهات الحكومية وشبه الحكومية إنشاء وحدات بيئية لتعزيز العمل البيئي لديهم وإدخال التخطيط البيئي الاستراتيجي في خطط هذه الجهات وتحقيق الالتزام البيئي ولديها قرار بالسماح لمفتشي الهيئة بالدخول لجميع المنشآت والمرافق وضبط المخالفات البيئية. وأشار الى أن هناك جهودا كبيرة في فحص مياه الآبار في جميع مناطق المملكة؛ للتأكد من سلامتها، وأضاف ان الهيئة تراقب عمليات الابتعاثات وتتابع حرق الإطارات في بعض المصانع واستخدامها كوقود خاصة مصانع الأسمنت والتأكد من اخضاعها للضوابط البيئية، وهناك متابعة وتنسيق مع مصانع الأسمنت التي تستخدم حرق الإطارات أو الكفرات في عملية الوقود. ضيوف الندوة: د. أحمد عاشور وكيل هيئة الأرصاد وحماية البيئة سابقًا د. علي عشقي الخبير البيئي وأستاذ البيئة في جامعة المؤسس د. عبدالرحمن الشهري مدير إدارة التشغيل بشركة المياه الوطنية د. أنور النهدي مدير عام الإدارة العامة للتأهيل والتقييم البيئي بهيئة الأرصاد وحماية البيئة