دافع الرئيس دونالد ترامب اثناء زيارته لبولندا بقوة عن الحضارة الغربية ومواجهتها للنازية والشيوعية السوفييتية، وامتدح بولندا لما حققته من نجاح بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وبحسب مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، عدّد ترامب الاشياء التي جعلت الغرب متماسكا، فضرب مثلا بالعقيدة الدينية المشتركة والموسيقى الكلاسيكية ولم يعط الديمقراطية اكثر من لمحة عابرة، وتحدث بعدها عن التهديدات التي يواجهها الغرب ملمحا للمخاطر التي تحيط به من الجنوب وما تشكله الايديولوجيا العدوانية تهديدا للحضارة الغربية، متهما الحركات الاسلامية الراديكالية بأنها تعمل لتصدير الارهاب والتطرف الى مختلف انحاء العالم. في الأيام التي تلت ذلك الكلام اثبتت الاحداث، التي تتواتر بسرعة في وارسو، ان ما قاله ترامب لم يكن صوابا، ووفقا ل«واشنطن بوست» فقد اثبتت الاحداث في بولندا ان اعظم واكبر مهدد للغرب يأتي من الداخل وليس هو الاسلام الراديكالي. قد انتخب البولنديون الشهر الماضي حكومة جديدة بطريقة ديمقراطية ولكنها ليست ليبرالية، وهي التي قد بدأت بشن هجوم مكثف على دستور البلاد دافعة بقوانين جديدة صممت بطريقة تسمح بتسييس القضاء. واشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن احد الاحزاب اليمينية المتطرفة صعد الى السلطة؛ واول ما بدأ به استهداف سلسلة من المؤسسات التي كانت في السابق مستقلة تماما، ومنها الاذاعة الوطنية ومكتب المدعي العام، والاخطر من كل ذلك المحكمة الدستورية، كما قام بتسييس الخدمة المدنية واعفى العديد من قيادات الجيش المهنيين. وتطرقت ال«واشنطن بوست» لتمرير الحزب القومي البولندي -بعد اسبوع فقط من زيارة ترامب- الذي يتمتع بأغلبية بسيطة قانونا عبر البرلمان يسمح له بتسييس هيئة العدالة الوطنية، وهي الجهة الدستورية التي تختار القضاة، ومضى الحزب لأبعد من ذلك فوضع على منضدة البرلمان مشروع قانون جديد اذا ما تمت اجازته وصار قانونا سيطلق يد وزير العدل لخرق الدستور واعفاء اعضاء المحكمة العليا. وقالت الصحيفة: «الرئيس ترامب تساءل في كلمته للبولنديين؛ عما اذا كان لدى الغرب الارادة الكافية، التي تمكنه من البقاء والدفاع عن قيمه؟». لتستدرك القراءة التحليلية ل«واشنطن بوست» بالرد قائلة: «الاجابة عن هذا التساؤل يستطيع تخيلها اي انسان، فعندما يكون القضاء منحازا الى جانب الحكومة سيتيح لها السكوت عن تزوير الانتخابات؛ وتفادي عمليات التحري في الفساد وقمع المعارضين». لقد ادى سقوط جدار برلين وانتصار الديمقراطية في وسط اوروبا الى لفت انظار العالم -ما زال الحديث للصحيفة- واعتبر انتصارا عظيما للغرب، فظهور محور بولندي بعيدا عن الديمقراطية سيقوض ليس وحدة الغرب فقط، وانما سيسمح لايديولوجيات عدائية تأتي من الجنوب او الشرق لتحل محله.