يعد المسرح أداة من أدوات التغيير ومعززا للقيم والفضائل في نفوس المشاهدين، ويزيد الوعي عندهم ويشكل حالة من الإدراك لهم، حيث إنه الصورة النموذجية للراسل الذي يحول النص أو الرسالة المراد ايصالها بشكل عملي على خشبة المسرح، في المقابل يتفاعل معه مستقبل الرسالة أي هو المشاهد بطريقة سلسة تنسجم معه وتبقى في عقله الباطن بطريقة سهلة. المسرح بحسب تعريف الكاتب جميل حمداوي هو الفن الدرامي، تأليف أدبي مكتوب بالنثر أو الشعر بطريقة حوارية، وهو موجه للقراءة أو العرض. ويستعين المسرح الدرامي بمجموعة من العناصر الأساسية أثناء العرض مثل: الكتابة والإخراج والتأويل والديكور والملابس. لم يكن المسرح على نمط واحد بل تحول الى انماط متعددة حيث البعض استخدمه للترفيه والضحك، وهناك من استخدمه للوعظ والارشاد، وهناك من مزج الحالتين لكي يوصل الرسالة بطريقة درامية ليسهل استيعبها وهضمها. اصبح في بلدنا محاولات لاقامة المسارح حيث تشكلت فرق من الكتاب المسرحيين، وممثلين على خشبة المسرح، لكن مع الأسف ما زالت تقام هذه المسارح في اماكن غير مهيأة من حيث الديكور والإضاءة المناسبة وكذلك الصوتيات، مع ان مجتمعنا يتفاعل مع المسرح رغم قلة إمكانياته. في المنطقة الشرقية وبالتحديد الدمام والقطيف في هذا العام اقيمت اكثر من سبع مسرحيات اثناء إجازة عيد الفطر المبارك، وكان هناك إقبال كبير. بلغ عدد حضور مسرحية (ابولمبة) على مسرح القلعة الترفيهية بالقطيف، 3500 متفرج طوال العروض وتدور احداثها حول وسائل التواصل الاجتماعي في قالب خارج المألوف من خلال المكان والزمان، في المقابل عرضت مسرحية «تراعيب» في جمعية الثقافة وتدور احداثها حول الرعب بطريقة محببة لمن يميل لهذا الاسلوب وبلغ عدد مرتاديها خمسمائة مشاهد خلال ثلاثة ايام من عرضها، كذلك مسرحية (دكان سرور) على مسرح مركز الخدمة الاجتماعي بالقطيف، وتحكي عن الفروق بين الحاضر والماضي بطريقة مشوقة وبلغ عدد مرتاديها حوالي 400 مشاهد، وهناك مسرحيات اخرى لم يتسن لي معرفة تفاصيلهم، يذكر أن بعض المسرحيات كانت بشراكة مع فنانين من دول الخليج. كثرة الحضور والتفاعل من الجمهور دليل على اشتياق الناس الى مثل هذه البرامج، التي تغذي عقولهم بالاضافة الى حاجتهم الى وسائل الترفيه والترويح عن النفس. مضاف الى ذلك ابداع الفنانين على خشبة المسرح مع قلة الإمكانيات، لو تسلط الاضواء عليهم لسطعت نجوميتهم كذلك لو اتيحت لهم الفرص بشكل اكبر فلن يحتاج الجمهور المتفرج الى السفر لخارج المنطقة لمشاهدة المسرحيات. من الملاحظ ان وجود نجم من خارج المملكة له صيته في التمثيل يعطي المسرحية سمعة ويجذب الجمهور لها، فلو ابرز ممثلون في المملكة مع وجود النص المناسب فلن نحتاج الى دعم مسرحياتنا بأحد من خارج البلاد، كما ان المسرح يحتاج الى الدعم المادي والأماكن المناسبة؛ لكي يخرج بالمستوى المطلوب، معززا الإدراك القيمي.