أجواؤنا العائلية في الخليج العربي كانت ممطرة أعقبتها موجة من الغبار والأتربة، ولا تزال السماء ملبدة بالغيوم ويسمع صوت الرعد دون بوارق أمل لما تشهده المنطقة من التقلبات الجوية الخطيرة. كل هذه الأجواء تؤثر على الطبيعة الإنسانية للشاب الخليجي، ولذلك فالمثل عنوان المقال ونظيره بالعربي «من شابه أباه فما ظلم»، يدل على ما يتبعه الطرفان من السياسة الحكيمة لدى قادة بلاد الحرمين الشريفين والسياسة الهوجاء لدى قادة قطر. فقادتنا في المملكة يتحلون بالصبر والأناة والحلم، ولكن اتق شر الحليم إذا غضب، فكل الممارسات التي كانت تصدر عن قادة الشقيقة قطر كانوا على علم تام بها، ولكن كانت تغلب عليهم روح التسامح وخصوصا مع الأخ الصغير، فكانوا يتريثون في اتخاذ أي قرار، ليس خوفا أو عدم مقدرة، ولكنها حنكة سياسية في الحفاظ على الروابط الأسرية والأخوية مع الأشقاء في قطر، ثم زاد الكيل، وقد قال تعالى «ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون» فالمراد بالتطفيف هنا هو البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس وإما بالنقصان إن قضاهم. وقد كانت قطر بجزيرتها تطفف في كيلها لجيرانها وتصب الزيت على مشاكل جيرانها، إلى أن أصبح الأمر لا يطاق منها ومن جزيرتها الفاسدة. والآن عندما كيل لها بنفس المكيال تعالى الصراخ وكثر النحيب وتم تدويل الأمر، وهم يرددون إخوتنا يحاصروننا ويخنقوننا، ويتساءلون: لماذا كل هذه الحملة الاعلامية على قطر، ونسوا أو تناسوا ما فعلوه وفعلته جزيرتهم. أعود إلى المثل «like father، like son» وأقول نحن كشعب سعودي منا من تفاعل وكان تفاعله بسرعة وقوة الحدث، ومنا من صمت، ومنا من حاول اتباع سياسة حكومته التي كانت تتبعها طيلة ال 20 عاما السابقة من حلم وتأن، فأغلبهم لم يسمع كل هذه الجرائم إلا الآن وبالتالي تعامل معها كأنها السابقة الأولى، وذلك نتج عن الطريقة المعروفة عن الحكومة السعودية وهي عدم التصيد وتتبع سقطات الأخ والشقيق، والمثل يقول: ما دون الحلق إلا اليدين، وسياسة الأخ الشقيق وصلت الى الحلق، فكان لزاما الدفاع وبشراسة وقطع كل أصابع الشر عند الأخ الشقيق، مع تجفيف منابع الفساد والشر لدى النائحة المستأجرة. والمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا دينها الإسلام وتطبقه في كل أنظمتها وتشريعاتها، وبالتالي تؤمن بأن لكل فرد من أفراد المجتمع حقوقا شخصية، ولا تجيز أي ممارسة تفضي إلى انتهاك هذه الحقوق والخصوصيات، ولا ريب أنه يترتب، على ذلك، على الصعيد الواقعي الكثير من نقاط الاختلاف بين البشر، ولكن هذا الاختلاف لا يؤسس للقطيعة والجفاء والتباعد، وإنما يؤسس للتسامح مع المختلف، وهذا ما مارسته الدولة مع الأشقاء في قطر إلا أن ذلك لم يزدهم إلا تعنتا وجبروتا. فالأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية والسياسية في خليجنا الغالي، أن تكون علاقات قائمة على المحبة والمودة والتآلف، حتى ولو تباينت الأفكار والمواقف مثل (عمان والكويت على سبيل المثال)، بل إن هذا التباين هو الذي يؤكد ضرورة الالتزام بهذه القيم والمبادئ دون غدر.. أو خيانة.. أو تآمر. خاتمة: نعيش نشوة العزة والكرامة باستثناء أولئك الذين غُسلت أدمغتهم إما بالتطرف أو بتبعية الفرس، فنحن قوم أعزهم الله بالإسلام، فمن مشى معنا على العزة والكرامة فمرحبا به، فهذا الزمن لا ينفع معه إلا حزم سلمان، فقد عقد العزم وجعل بلاد التوحيد تقود الأمة لعزتها واستعادة شيء من بريقها. حينما سألوا رئيسة وزراء بريطانيا «مارغريت تاتشر» عندما قصفت جزر الفوكلاند الأرجنتينية لماذا لم ترجعي لمجلس الأمن؟ قالت لهم: (مجلس الأمن للعرب) بمعنى أن مجلس الأمن للضعفاء. لا بارك الله في ضعف يورث مذلة.