غدونا كالثوب الذي يتسابق الجميع على تمزيقه. ومن تتجاذبه الأيدي يتذكر بعضها، ولأن فحش تعامل بعض الشركات الخدمية في ارتفاع مطرد وجدنا أن كل شركة تقدم خدمة أو سلعة تتفنن في تمزيق أعصابنا فلا نجد من شيء نواجههم به سوى تذكر شدهم وجذبهم. وهؤلاء إذا ذكروا بالأنظمة أو القوانين وجدوا لها منفذا يجيز لهم الرفع والرمي والبطح. لذلك يمكن عكس الخطاب من التذكير بالأنظمة إلى التذكير بقول الله عز وجل «ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون، ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين». فهذه الآية في نظرهم خاصة بالاكتيال وليست لها علاقة بما يقدمون من خدمات، ولو فطنوا أن كل ما يقدم، أو يؤخذ هو اكتيال لتنبهوا أنهم يكسرون قاعدة العدل بصورة أو أخرى، وأنهم ضمن الموعودين بالويل. وهناك جهات تبخس وتطفف من غير أن يكون للوعيد محل من الإعراب، ويصبح الاستغراب منشأه من كوننا مسلمين، والأولى بالتنبه لعدم اختراق تشريع إسلامي إلا أن هذا القول يمكن أن يصد عنه، أو يقال لك: قل قولك هذا داخل المسجد.! أي أننا نحفظ القول ولا نطبق ما يقال. ويمكن لأي شركة تبحث عن الربحية الالتفات لكل شيء، والاهتمام به بدءا من جودة السلعة وانتهاء بالتسويق. أما الجانب الأخلاقي وإيفاؤها للناس بحقوقهم، فهذا أمر لا يعتد به، وأجزم أن الكثيرين من أرباب الشركات الكبيرة لا يمر على باله أنه مطفف كون التطفيف متعلقا بالكيل. ولو عرجنا على مثال للتطفيف والذي لا يظنه البعض كذلك ما تفعله شركات الاتصالات حيث تكتال لنفسها كما تحب، وتخسر لمن يكتال منها كما تحب، وقد تعبنا من هذه الشركات، وتعبنا من تصرفاتها التي تنيب نفسها عنا في زيادة الحدود الائتمانية للجوالات، فإذا كان المواطن قد أجرى تعاقدا أن يكون حده الائتماني 500 ريال فإذا به يمدد إلى 1200 ريال من غير الرجوع إلى العميل. ولا يقف دورها في استنزاف عملائها عند هذا الحد، فهناك وسائل عدة للتطفيف كأن تطلب خدمة ويتم إدخالها إلا أن تلك الخدمة لا تعمل والذي يعمل هو عداد الشركة فبعد شهور يتم الاتصال بك وتذكيرك بأن عليك مديونية ولا يعني الشركة أن تصارخ بأن هاتفك أو الخدمات المرفقة به لم تعمل فهذا ليس مهما. المهم أن تدفع. وتجد أن تلاعب شركات الاتصال لا يقف إذ يمكن أن تأتيك من جانب الجوالات الرديفة التي تم إلغاؤها من قبل بعض العملاء منذ سنتين أو أكثر فإذا بالشركة تحييها بإعادة الخدمة ومطالبة العميل بسداد فواتيرها التي لا يعلم عنها، والويل للعميل لو لم يستجب لهذا الاستنزاف لأن الشركات تعطي نفسها الحق بإلغاء بقية الخدمات المسجلة باسم هذا العميل، ولن تعيدها إلا بعد السداد، وتعجز عن إفهامهم أن ثمة خطأ ارتكبته الشركات (وخطأ قانوني في تصرفاتها) ولن يرحمك من (عنطزتهم) سوى تنفيذ أوامرهم (ادفع ثم اشتكي) وإذا دفعت واشتكيت فلن تعيد لك الشركات فلسا أبيض كونه دخل إلى خزينة الشركات. وما عليك سوى ضرب رأسك بجوالك وأنت تتصل فالرد الآلي سيطول قبل أن تسمع ما يعيد أعصابك إلى الثلاجة التي فصل برودتها انفصال التيار الكهربائي. فهل علينا مقاطعة شركات الإصابات والاشتراك في اتصالات ما وراء المحيطات؟