لا شك في أن تدويل الأزمة القطرية لا يصب في مصالح الدوحة ولا يصب في مصالح دول مجلس التعاون الخليجي، فهو يشكل خطورة بالغة على تلك المصالح ويسمح بتدخل الدول العظمى في أزمة لا بد أن تحل داخل البيت الخليجي، فالتدخل الخارجي من أي دولة سوف يعقد الأزمة ويعرقل حلها ويدخلها في نفق مظلم لا ملامح لبصيص نور في نهايته، والخاسر في هذه الحالة هو الإجماع الخليجي المتبلور في المنظومة الخليجية. ويتضح للعيان أن الأزمة القائمة مفصومة تماما عن الشعب القطري، فساسة الدوحة يغردون خارج السرب الخليجي، ويهم المملكة وبقية دول المجلس أن تعود العلاقات الطبيعية الى ما كانت عليه شريطة رضوخ القيادة القطرية لكافة الالتزامات التي تحقق في جملتها مصالح الشعب القطري ومصالح الدول الخليجية والعربية والإسلامية والصديقة وعلى رأسها الخروج من عباءة النظام الإيراني الدموي والتوقف تماما عن تأييد ومعاضدة التنظيمات الإرهابية. ارتماء حكام قطر في الحضن الايراني يعني استمراريتهم في دعم إرهاب الدولة المتمثل في نظام طهران، والاستعانة بهذا النظام لا تصب في مصالح قطر العليا أو المصالح الخليجية المشتركة. حل الأزمة القطرية لا بد أن يتحقق داخل البيت الخليجي حفاظا على المصالح القطرية والخليجية شريطة أن يلتزم ساسة قطر بضمانات تحقق الأمن والاستقرار والسيادة لدول مجلس التعاون ولدول المنطقة، فتدويل الأزمة سوف يسمح بتدخل قوى خارجية في الشأن القطري، ومن شأن هذا التدخل أن يعقد الأزمة ويقودها نحو مصير مجهول، وهذا ما ترفضه المملكة وترفضه بقية دول المجلس التي يهمها الحفاظ على مصالح دولة قطر ومصالح المنظومة التعاونية الخليجية. القضية القطرية ستبقى قضية داخلية على مستوى دول المنظومة الخليجية والتطلع الى حلها خليجيا وعدم تدويلها هو ما تطمح اليه دول المجلس ودول المنطقة للحيلولة دون أي تدخل أجنبي في الشأن الخليجي، فالدول التي تهيأت للتدخلات الأجنبية في شؤونها لم تحصد الا الخراب والتدمير، ولم يعد عليها هذا التدخل بأي مصلحة تذكر، والأمثلة واضحة في العراق وسوريا واليمن، فالتدخل الايراني السافر في شؤون تلك الدول أدى الى تعقيد أزماتها وإطالة أمد الحروب في ربوعها. ليس من مصلحة قطر التغريد خارج السرب الخليجي، وليس من مصلحتها اللجوء الى أحضان النظام الايراني الدموي الذي ثبت ضلوعه في عمليات إرهابية متعددة داخل بعض دول المنظومة الخليجية وداخل العديد من دول المنطقة ودول العالم، وتدويل الأزمة القائمة سوف يطيل أمدها ويدخلها في دهاليز مظلمة، وهو لا يصب بطبيعة الحال في مصلحة الشعب القطري أو مصالح شعوب دول المجلس الخليجي.