لم يتغير الدور القطري في المنطقة العربية طوال أكثر من عقدين من الزمن، رغم محاولات المملكة العربية السعودية وضع ساسة قطر على جادة الصواب تجاه قضايا الخليج والقضايا العربية وبشكل خاص منذ انطلاق ما سمي بالربيع العربي، إلا أن قمم الرياض التي أحدثت تحولاً في سياسية المنطقة، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والتصدي للدور الإيراني المخرب، يبدو أنها أوجعت الإمارة الصغيرة، ما دفع أميرها إلى الإفصاح عما تستر عليه لسنوات طويلة، في علاقاته مع الجماعات الإرهابية وإيران، التي سارعت إلى الترحيب بقطر وأبدت دعما لقادتها، عبر تصريحات مسؤوليها ووسائل إعلامييها. وأمس الإثنين اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن الأزمة مع قطر تسببت بها مخرجات قمة الرياض التي اتفق فيها زعماء 55 دولة بحضور الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على عزل إيران ومكافحة الإرهاب ومراقبة مصادر تمويله، التي بات من المؤكد أن دولة قطر متورطة إلى درجة كبيرة فيه، بعد التصريحات التي أطلقها أميرها. وهذا التناغم القطريالإيراني سياسياً وإعلامياً أصبح اليوم أكثر وضوحاً مع ما تناقلته وسائل الإعلام عن دعم قطر لميليشيات الحشد الطائفية في العراق بنصف مليار دولار، حيث تقدم إيران السلاح والتدريب لهذه الميليشيات الطائفية التي باتت خطراً ليس على العراق وحسب بل على المنطقة عموماً. وكانت وكالة الأنباء القطرية (قنا) نشرت الثلاثاء الماضي تصريحات لأمير قطر أشاد فيها بإيران باعتبارها "ثقلاً إقليميا وإسلامياً لا يمكن تجاهله"، كما اعتبر حزب الله الإرهابي قوة مقاومة، فيما تحدث عن القاعدة العسكرية الأمريكية مشيراً إلى أنها تحمي قطر من أطماع دول مجاورة، ممعنا في إثارة الاتهامات إلى أشقاء الشعب القطري. الردود الأمريكية جاءت على أكثر من مستوى على تصريحات أمير قطر وحذر تقرير أمريكي نشرته مجلة "نيوزويك" من خطورة وجود هذه القاعدة على أساس أنه يعطي إشارة تطمين للدوحة بالاستمرار في ممارستها في مساندة الإرهاب. وحذر التقرير الإدارة الأمريكية من قطر التي تحاول مصادقة الإرهاب والغرب في آن معاً. ويرتكز التقرير الذي أعده مسؤول سابق في الخزانة الأمريكية على اتهام قطر بعلاقات مثيرة للجدل، مثل العلاقة مع جبهة النصرة مروراً بحركة حماس ودعم قطر لسياستها في غزة، وصولاً إلى طالبان. ويتهم التقرير قطر بعلاقات مميزة مع قادة كبار في طالبان، سيما المفرج عنهم من سجن غوانتانامو في صفقة الإفراج عن الجندي الأمريكي بو برغدال. وأشار تقرير "نيوزويك" إلى أن قطر نجحت في إقامة علاقات تجارية وسياسية مع إسرائيل وبروابط متينة مع إيران وحزب الله، ومع خصومهما من الجماعات المقربة من القاعدة في آن واحد. وخلص التقرير في "نيوز ويك" إلى أن وجود قاعدة العديد الأمريكية في قطر يشجع الدوحة على الاستمرار في دعم الإرهاب من وجهة نظر الكاتبين، وأن ذلك يتعارض مع المصالح الأمريكية. كما نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مقالاً أوضح أن سياسات قطر في المنطقة، تخطت دور الممول للجماعات المتطرفة وقامت بتسليحهم مباشرة. وتحت عنوان "الاتهامات ضد قطر لا تحصى" وصفت المجلة سياسات قطر في المنطقة بالمدمرة والمساهمة في زعزعة الاستقرار. وبحسب المقال، فإن قطر حولت الربيع العربي إلى فرصة لنشر التطرف، بتمويلها لجهود الإخوان ورئاستهم في مصر، ثم بمحاولتها إلحاق الضرر بشرعية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. فضلاً عن تخطيها دور الممول في ليبيا و سوريا لتسلح جماعات متطرفة في البلدين بشكل مباشر في تناقض مع السياسات الأمريكية في كلتا الأزمتين.