* ما لم تستوعبه حكومة قطر في حلم سلمان بن عبدالعزيز، وترفعه وإعراضه عن الخوض في صغائر سياساتها وتجاوزاتها، واستقباله لشيخها بكل الاحترام، أنها وفيما يبدو استمرأت اللعب مع الكبار، حتى تجاوزت الخطوط الحمر، ومع من؟، مع ذلك الحليم الذي كان عليها أن تتقي غضبه، ذلك الحليم الذي طالما حاول أن يعامل حكام قطر كشقيق أكبر، يضع مصلحة قطر والشعب القطري في نفس المرتبة التي يضع فيها مصلحة شعبه ومواطنيه. * غير أن حكومة تميم كان لها رأي آخر، فهي لم تستوعب سماحة ملك الحزم، وأبوة مواقفه، حينما أعرض عن حماقاتها. واليوم وبعد أن تمادت قطر بسياساتها الرعناء باتجاه خرق السفينة، وفتح الأبواب للعدو الفارسي الذي يتربص بالأمة، ووصفه بالصديق رغم عدوانه السافر في غير قُطر عربي، وعبثه حتى في تخوم الخليج، ثم بلملمة شذاذ الآفاق من عناصر الإرهاب والمنظمات الإرهابية، وفتح منابر الإعلام القطري لهم، ولقياداتهم، واحتضان تلك القيادات التي تتآمر ضد شعوب المنطقة وأنظمتها، ودعمها إلى جانب دعم الميليشيات التي قتلت أبناء الأمة، وحاكت ضدها المؤامرة تلو الأخرى، كميليشيا حسن نصر اللات، وجبهة النصرة، وبعض الميليشيات الليبية التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام استعادة الأشقاء الليبيين لبلادهم. * كان على قطر التي شاهدت بأم عينها كيف جمعت المملكة قيادات أكثر من 55 دولة في غضون يومين في عاصمتها، وبحضور قطر ذاتها، أن تستوعب أن العبث مع بلاد بهذا الوزن الدولي هو أشبه ما يكون بعملية انتحار سياسي. * كان على قطر أن تدرك أنها تتعامل مع زعيم الحزم والعزم، ومع القائد الذي لا يعرف المناورات أو المواربات، حيث يذهب إلى أهدافه بشكل مباشر، متسلحا بمنطق الحق والعدل ولا شيء سواهما. * كان على قطر أن تستوعب أن ابتسامة سلمان بن عبدالعزيز لتميمها في قمة الرياض، كانت بمثابة رسالة الأخ الأكبر الذي يتمنى على أخيه أن يواري غلطته، وأن يصححها قبل أن يعاتبه أو يتلقى ملامة، لكنها لم تُفهم في سياقها، وواصلت قطر نشوزها عن الحضن الخليجي والعربي، لتواجه حزم سلمان الموجع. * كان على قطر أن تعرف أن الزعيم الذي رفض المساومات على الشعب السوري، ورفض المساومات على الشعب اليمني، ورفض ترك الشعب البحريني لنزوات إيران، ووقف إلى جانب كافة أشقائه وبقوة، لا يمكن أن يسمح لكائن من كائن أن يخرق سفينة الخليج، أو أن يثقب الجدار العربي ليتيح الفرصة لعبور جرذان طهران، واستباحة سيادة الخليج والأمة. * كان على قطر أن تعرف حينما تنتهك خطوط سلمان الحزم الحمراء أن أقل ما يمكن أن تواجه به هو قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، والذي تجاوبت معه سريعا الإمارات العربية المتحدة، والبحرين ومصر وليبيا واليمن، والحبل على الجرار أمام كل من تأذى من السياسات القطرية، وتوظيف أموال الشعب القطري في دعم التطرف لنفخ حجم قطر وحكومتها. * كان على قطر أن تحسب ألف حساب لملك مهاب، وزعيم فذ ما عرف عنه إلا الحزم، والوقوف بقوة أمام القرارات الحازمة، وإكرام من يستحق الإكرام، والتصدي لأي عابث يريد شق صف الأمة، أو ضرب تماسكها. * كان على قطر أن تحمي نفسها من إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، وأن تتفادى حشر نفسها في مثل هذه الزاوية الضيقة مقابل ود طهران التي استخدمتها كمخلب قط، وستصرف النظر عنها عندما تدرك أنها عديمة الفائدة. * كان على قطر أن تدرك أنه لا قيمة لها دون أشقائها في مجلس التعاون، وأن تغريدها خارج هذا السرب، وارتماءها في أحضان ملالي طهران، وحزب الله، وفصيل المقاومة المزعومة الذي طالما باع قضايا الأمة على أرصفة الشعارات، فيما هو يقبل أحذية العدو في الغرف المغلقة، لن يزيدها إلا انعزالا وضعفا وهوانا. * كان على قطر ألا تدفع هذا الثمن الباهظ في قطع أشقائها لعلاقاتهم بها مقابل افتتاحية يكتبها غير الشرفاء في تمجيد اميرها، لأنه ثمن بخس، وبخس جدا في حق الشعب القطري الشقيق الذي يتجرع لوحده نتائج تلك السياسات. * كان على حكومة قطر أن تدفع هذا الثمن.. أن تدفع ثمن انتحارها السياسي.. ها هي الدوحة صباح أمس تصحو على عزلة.