حزمة من الأوامر الملكية التي أثلجت صدور المواطنين السعوديين أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- حفظه الله- في الأسبوع الماضي، ومن أهم القرارات والأولى من نوعها والتي تُعتبر نقلة كبيرة في المملكة كانت الأوامر المتعلقة بروح الشباب ومستقبل المملكة بتعيين دماء شابة كنواب لأمراء المناطق في المملكة استكمالا لتعيينات الكفاءات الشابة بمناصب قيادية في العديد من عروق الأجهزة الحكومية خلال الفترة السابقة، فتلك المسؤولية الكبيرة على عاتق من تم تعيينهم تعتبر من المؤشرات على حرص ودعم القيادة للثروة البشرية السعودية والتي أثبتت نجاحها وقدراتها على التطوير. عند الإعلان عن «رؤية المملكة 2030» ذكر قائدها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- حفظه الله- كلمات ملهمة، وكان مضمونها «قصص النجاح دائما تبدأ برؤية، وأنجح الرؤى تلك التي تُبنى على مكامن القوة، والمملكة تتطلع من خلال الرؤية إلى مستقبل أكثر إشراقا نصنعه- بعون الله- بثرواتنا البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها علينا»، وبالعودة لتلك الكلمات نجد أن قيادة المملكة حريصة على الثروة البشرية قبل أي ثروة أخرى في المملكة، وأن الاستثمار في الثروة البشرية سيسهم في بناء اقتصاد قوي، والسواعد السعودية الشابة قادرة على قيادة الرؤية ونجاح تحقيقها من خلال التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة. خلال المؤتمر الصحفي المرافق لإعلان الرؤية وجهت سؤالا لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- حفظه الله- عن أهمية العنصر البشري وكونه أحد مقومات نجاح رؤية المملكة، وكان جوابه صريحا بأن المملكة حريصة على إعداد قادة التحول من مختلف الأطياف فكريا وعلميا وعمليا لنجاح تحقيق الرؤية، وهذا دليل على حرص المملكة في تطوير كوادرها البشرية والانتقال إلى إبداعات مضافة لها انعكاس كبير، واليوم نرى أن قادة التحول دماء شابة تم تعيينها في مناصب مختلفة، وتوقعي الشخصي بأن المرحلة لن تقف عند هذا الحد فقط، فالأيام القريبة القادمة ومن خلال تسلسل زمني لا يؤثر على أداء المصالح العامة ستشهد تعيينات لكفاءات شابة متخصصة كمساعدين لمسؤولي الجهات الحكومية بالكامل لتجهيزهم ليكونوا أذرعة مهمة في مسيرة نجاح تحقيق الرؤية، أو حتى بتأسيس مجالس استشارية في كل جهة تتكون من كفاءات متنوعة «معمرة في الجهة الحكومية وكفاءات شابة». إعداد الصفوف الثانية من القيادات يكمن في ضمان استمرار مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة، وعملية ''صناعة القيادات الشابة'' يجب أن لا تقترن بمرحلة معينة أو حدث معين، بل تعتبر عملية مستمرة ومتواصلة تزامنا مع رؤية المملكة، فالإمكانيات التي نمتلكها كبيرة ولله الحمد، والكفاءات المحلية بانتظار الإشارة فقط، ووجهة نظري أننا بحاجة ليكون لدينا «تجمع» أو «منصة» للكوادر المحلية المميزة في مختلف التخصصات للرجوع إليها عند الحاجة، ويتم تطويرها ببرامج قيادية مكثفة لتكون جاهزة في أي وقت لقيادة المناصب العليا في الجهات الحكومية مستقبلا لخدمة الوطن. رؤية المملكة فيها تركيز على الاستثمار في جيل الشباب من خلال استغلال طاقاتهم ومواهبهم لما فيه المصلحة العامة، والجيل الجديد من الشباب السعودي يمتلك المؤهلات الكفيلة بأن تضعه في موقع المسؤولية، والجيل يعي بأن تولي مهام القيادة مسؤولية وليس رفاهية، وكانت هناك بصمات واضحة لإنجازات الجيل الشبابي السعودي في مختلف المحافل، ولذلك الوطن بحاجة لهم خلال هذه المرحلة التي من خلالها ستكون رؤية المملكة قصة نجاح يحتذى بها ويتم استنساخها لكثير من الدول في تحولها الاقتصادي. قبل الإعلان عن رؤية المملكة كنت متفائلا للخمس عشرة سنة القادمة، وبعد الإعلان عن الرؤية زاد تفاؤلي عن ما كان عليه، وبعد حزمة الأوامر الملكية الأخيرة ازداد تفاؤلي أكثر من السابق، فالمرحلة القادمة هي مرحلة خير على الجميع وللأجيال القادمة، وما زالت كلمات قائد مرحلة الرؤية تكفي عن تفاصيل كثيرة، فالأمير حدد مسار الطريق بجملة واضحة وصريحة وهي «رؤية المملكة التي تم الإعلان عنها ليست حلما، هذه استراتيجية ستطبق بإذن الله»، وأقل تفسير لذلك هو أن المرحلة القادمة هي مرحلة عمل وإنتاجية وليست مرحلة تقاعس، والمرحلة القادمة ستكون مرحلة انتقالية كبيرة سيقودها كفاءات شبابية لمستقبل مشرق بإذن الله. ختاما: حزمة الأوامر الملكية الاخيرة تعتبر محفزة جدا لجيل الشباب، وتعطي انطباعا إيجابيا في اهتمام المملكة بالكفاءات السعودية الشابة وتأثيرها في صناعة الرؤية وتنفيذها.