قام السيد كيتنق المدير التنفيذي لمصرف ميركري للادخارات والقروض بالإيعاز لبعض نوابه في المصرف بشراء عدد كبير من أسهم المصرف بأسعار متدنية بعدما نشر معلومات مضللة تشير إلى تراجع كبير في أرباح المصرف. وقد استحوذ السيد كيتنق ونوابه الأربعة على حوالي 200 مليون دولار قيمة أسهم في المصرف. خرج السيد كيتنق بعد فترة للإعلام بعدما سيطر مع نوابه على نسبة كبيرة من اسهم المصرف ليصرح بأن المصرف تعافى وسيحقق أرباحًا خيالية ما دفع المتداولين لشراء اسهم المصرف ليسجل أسعارًا عالية حققت للرئيس التنفيذي السيد كيتنق وعصابته أرباحًا عالية في فترة قصيرة لتتكشف لمكتب التحقيقات الفيدرالي مؤامرة خطيرة يقودها الرئيس التنفيذي ونوابه الأربعة. وقد عرفت هذه الفضيحة في الولاياتالمتحدة ب «كيتنق الخمسة». ولحرص الحكومة الأمريكية على حقوق المساهمين والمستثمرين قامت بتحقيق شامل في القضية أدى في النهاية إلى إيداع السيد كيتنق وعصابته وراء القضبان لسنوات طويلة. الممارسات والمخالفات والتجاوزات الفاسدة تقوض الاقتصاد وتذهب بأموال المستثمرين وتضعف الثقة في الشركات التي يقودها أشخاص فاسدون. وهذا أمر خطير يصعب على المستثمر السكوت عليه عندما يرى استثماراته تذهب ادراج الرياح جراء اهمال مجلس الإدارة وممارسات وتجاوزات الهيئة الإدارية التنفيذية التي يشارك فيها بعض أعضاء مجلس الإدارة إن لم تكن الأغلبية منهم. لا تظهر هذه التجاوزات لعامة المجتمع إلا عندما تظهر الظروف الاقتصادية الصعبة مثلما حدث خلال الأزمة المالية والاقتصادية العالمية العارمة التي أكلت الأخضر واليابس من استثمارات المؤسسات والافراد.. الحقيقة أن هذه المخالفات والتجاوزات موجودة منذ زمن بعيد وقد يعرف عنها الناس أو لا يعرفون عنها. وعندما تكون الظروف الاقتصادية جيدة فإنها تساعد الشركات على تحقيق أرباح عالية لا يشعر المستثمرون بالمشكلة لأنهم ينعمون بعائدات عالية، ناهيك عن الوضع المالي للشركات والذي يؤهلها لتسديد قروضها للجهات الممولة في الوقت المحدد. ويثير شح السيولة وتراجع المبيعات الجهات الممولة الأسئلة عن الوضع المالي للشركات المقترضة ليتضح الأمر أنها في وضع اقتصادي مهزوز ومتعثر قد ينتهي بها إلى الإفلاس. المشاكل الاقتصادية تعم العالم منذ أكثر من عقدين، وقد اتضحت في نهاية الربعين الثالث والرابع من عام 2008م. وقد أدت إلى إفلاس العديد من الشركات والمؤسسات المالية في الدول المتقدمة، بل وألقت بظلالها على الدول النامية والفقيرة التي تعد اقتصاداتها تابعة للاقتصادات الصناعية. ما حدث لبعض الشركات السعودية سواء العائلية أو المدرجة في سوق الأسهم السعودية يصب في التجاوزات والمخالفات والتلاعب في القوائم المالية في تلك الشركات، بل لازم ذلك توسع غير مدروس في الاقتراض من بنوك ومؤسسات محلية وإقليمية وعالمية. ويمكن الحكم عليها بأنها تجاوزات على قدر كبير في مخاطر استثمارية كشفتها الأزمة الاقتصادية العالمية أو بمعنى آخر لو لم تحدث الأزمة الاقتصادية العالمية لما أفلست الكثير من الشركات التي خرجت من السوق المحلية، بل تورطت معها على الساحة الاقتصادية مجموعات اقتصادية اخرى بسبب القروض المسمومة ما جعلها غير قادرة على تسديدها في ظل شح السيولة المالية، لذا يمكنني أن أصنفها بالمتجاوزة والمخالفة لأنها قدمت معلومات مضللة سواء للحكومة أو للمؤسسات المالية التي اقترضت منها. وبالرغم من أن بعض تلك الشركات غير مدرجة في السوق المالية السعودية ليعتقد البعض أنها لا تؤثر في قوة السوق المالية إلا انها تؤثر في البنوك المدرجة في السوق المالية بسبب تعثرها في تسديد القروض للبنوك وبالتالي تؤثر بشكل غير مباشر في السوق المالية. التلاعب المالي والإداري في بعض الشركات المدرجة واضح في قوائمها المالية بهدف الصعود بقيمة الأسهم إلى الأعلى والتخلص منها ليتكبد المستثمرون خسائر فادحة. وستظهر شركات سعودية متعثرة في السنوات الخمس القادمة، حيث تشترك في مشاكلها واسبابها. وهناك شركات عائلية كثيرة في المملكة تعاني اليوم من شح في السيولة لتسديد قروض المؤسسات المالية، حيث ستكشفها الأزمة الاقتصادية الحالية إذا استمرت لفترة طويلة تتجاوز الربع الأول من 2018م. وعليه فإن الأنظمة والقوانين واللوائح الفاعلة المنظمة لأداء الشركات ستحد من التجاوزات والمخالفات التي تهدد الاقتصاد، لكنها بحاجة لمتابعة مستمرة لمنع حدوثها، وذلك من قبل الهيئات الحكومية المعنية بتنفيذها. وتستوجب فاعلية هذه اللوائح والأنظمة تطبيق العقوبات الصارمة والرادعة، ناهيك عن الشفافية الكافية لنشر أسماء المخالفين في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى. ويجب مكافأة الموظفين الذين يتابعون ممارسات الشركات للتأكد من عدم مخالفتها للأنظمة.