مساء هذا اليوم الأحد 23 أبريل 2017 ستضع الحملة الانتخابية للرئاسة الفرنسية أوزارها. مساء هذا اليوم سيعرف الفرنسيون والمتابعون في جميع أنحاء العالم نتيجة أغرب وأكثر الانتخابات الرئاسية الفرنسية غموضا منذ تأسيس الجمهورية الخامسة على يد الجنرال ديجول في عام 1958. منذ ذلك الحين، وبناءً على ثنائية الصراع بين أحزاب اليمين واليسار، كانت القواعد الانتخابية للأحزاب هي ما يغلب هذا البرنامج أو ذاك لمرشحين أساسيين للرئاسة أحدهما الرئيس المنتهية ولايته والآخر مرشح المعارضة. كانت مهمة مؤسسات استطلاع الرأي أسهل بكثير وتوجهات الناخبين أكثر وضوحا، وتأثير «التصويت الانتقامي» أقل تأثيرًا على النتيجة النهائية. اليوم، هناك أربعة مرشحين يحلمون بالوصول إلى الجولة الأولى وكل الأربعة يملكون فرصة الوصول من الناحية النظرية والرقمية، وبناءً على نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة والتي تعطي الأولوية لمرشح الوسط إيمانويل مكرون بفارق نقطة (23-22%) أمام مرشحة اليمين المتطرف بينما يتنافس على المركز الثالث حوالي 20% كل من مرشح حزب الجمهوريين فرنسوا فيون ومرشح اليسار المتشدد- غير المتطرف- جان لوك ملنشون. شكل الصراع بين هؤلاء المرشحين أخذ ومنذ بداية الحملة شكلا غير مسبوق في ابتعاده عن الطرق التقليدية سواء أكان ذلك الابتعاد عن المشترك في الجوانب الاجتماعية بين أكثرية الفرنسيين وتركيزه على شخصية المرشح وطرق أدائه أم في البحث عن الإثارة حتى ولو كانت على حساب قواعد الاحترام المتبادل بين المرشحين. صحيح أن الأسباب الواضحة لأخذ عامل الخوف المشترك لدى عامة الفرنسيين من تبعات الإرهاب والهجرة وما يستدعيه ذلك من أولوية للأمن وبشاهد ملموس تمثل بالاعتداء الإرهابي في أكبر معلم فرنسي- جادة الشانزليزيه- أمر مفهوم، لكن أسباب تفتت اليسار والسقوط الذريع لادعاءات نزاهة اليمين، واتفاق كافة المرشحين الأربعة بمن فيهم مرشح الحزب الاشتراكي- الخامس في استطلاعات الرأي على ازدراء الحكومات «السابقة»، يمينية كانت أم يسارية، يدل على القبول بالرأي السائد اليوم على لسان كافة المرشحين بشكل مباشر أو غير مباشر: الفرنسيون ليسوا على استعداد لتقبل فشل ثالث. أي بشكل واضح ولاية سركوزي وهولاند. في هذا الاتجاه، لا أحد يباري الفرنسيين في الحديث حولها ليس فقط في فرنسا بل وفي العالم بأسره. ما يهمنا كعرب وبلدان عربية هو سياسة فرنسا الخارجية والتي سيتحدد من سيديرها مساء اليوم وليس في السابع من مايو القادم. المشهد يقول بشكل شبه نهائي إن لوبن ومكرون سيكونان من يتنافس على الرئاسة وسيكون مكرون الرئيس المتوج في الجولة القادمة. المفاجأة التي ستشكل زلزالا بطيئا ومتعدد الارتدادات هي خروج فيون من المنافسة وتفكك عائلة اليمين أسوةً بعائلة اليسار. وفي جميع الأحوال مهما كانت شخصية الرئيس فالسياسة الفرنسية لن تتغير.