فيما لا تزال أحداث الهجوم الإرهابي الذي وقع في جادة الشانزيليزيه، وتبناه تنظيم داعش، أول من أمس، تخيم على المشهد العام الفرنسي، فتحت صناديق الاقتراع أبوابها للناخبين الفرنسيين المقيمين بالخارج أمس، وذلك تمهيدا لانطلاق معركة الانتخابات الرئاسية بالداخل الفرنسي اليوم، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبحسب مراقبين، فإنه من المتوقع احتدام المنافسة الشديدة بين المرشحين في الجولة الأولى من الانتخابات، فيما ستكون منطقة سان بيير وميكلون الصغيرة قبالة الساحل الشرقي لكندا أول المراكز التي ستفتح أبوابها أمام الناخبين. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد دعا الفرنسيين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وأكد أنه سيتم تأمين الانتخابات بكل الوسائل الممكنة، من ضمنها نشر نحو 50 ألف شرطي و7 آلاف عسكري لتأمين عمليات الاقتراع. عزوف الناخبين توقع عدد من استطلاعات الرأي، أن تشهد الانتخابات الفرنسية عزوفا لافتا من الناخبين، حيث أشارت بعض الاستطلاعات إلى أن نسبة المشاركة لن تتجاوز 25 %، في وقت خيم الهجوم الأخير الذي أوقع قتيلا في صفوف الشرطة وسط العاصمة باريس، بظلاله على المشهد الانتخابي، ودفعت قضايا الأمن القومي ومكافحة الإرهاب المرشحين إلى التركيز عليهما في تصريحاتهم الانتخابية. ومن المقرر أن يتنافس المرشحان اللذان سيحصلان على أكبر عدد ممكن من الأصوات، في جولة الإعادة بحلول السابع من شهر مايو المقبل، فيما تشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن مرشح الوسط إيمانويل ماكرون، يتفوق قليلا على زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، يليهما المرشح المحافظ فرانسوا فيون ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلينشو. دلائل الهجمات منذ عام 2015، شهدت فرنسا هجمات ارهابية أودت بمئات الضحايا والجرحى، وأربكت المشهد السياسي العام، فيما ستكون هذه الانتخابات مغايرة بشكل كبير عن سابقاتها، حيث تستعد بريطانيا لإكمال إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تغير التحالفات السياسية بين الناخبين، وصعود الأحزاب اليمينية الشعبوية المعادية لسياسة المهاجرين والتنوع العرقي. ورأى مراقبون، أن سرعة تبني تنظيم داعش لهجوم الشانزليزيه الذي وقع مساء الخميس الماضي، قبيل خوض الانتخابات الرئاسية بفترة قصيرة، يحمل رسائل عديدة، أهمها الرغبة في إرباك المشهد السياسي العام، ومحاولة التأثير على نوايا المصوتين، خاصة المترددين منهم، إضافة إلى تمكين بعض المرشحين من إلصاق التهم بالجاليات المسلمة المقيمة هناك، واتخاذها ذرائع لنشر سياسة الكراهية والعنصرية. ويتوقع خبراء ومحللون، أن أكثر الأحزاب المستفيدة من الهجمات الإرهابية في فرنسا، هي الأحزاب اليمينة المتطرفة، وأبرزهم مرشحا اليمين واليمين المتطرف فيون ولوبن، حيث إن الأول وجد ضالته في الهجوم، وشن هجماته ضد المتطرفين وأكد أنه الوحيد القادر على محاربتهم عن طريق تجفيف منابعهم بالداخل الفرنسي. صمت انتخابي ألقى هجوم شارع الشانزليزيه الذي أوقع قتيلا في صفوف الشرطة مساء الخميس بظلاله على آخر أيام الحملة الانتخابية، ودفع بقضية الأمن القومي إلى صدارة اهتمامات المترشحين. ووعدت مارين لوبان بتشديد إجراءات الهجرة والرقابة على الحدود لهزيمة «إرهاب المتشددين» إذا فازت بالرئاسة، بينما دعا فيون إلى «صفاء ذهن» في «حرب ستكون طويلة»، ووعد باتخاذ إجراءات أمنية مشددة وتطبيقها «بيد من حديد». من جهته ندد ماكرون ب «مزايدات» خصومه ووعد بأن يتصدى «بلا هوادة للإرهاب»، بينما قال ميلانشون إن «واجبنا الأول يتمثل في التحلي بالهدوء». وانتقد رئيس الوزراء برنار كازنوف ما وصفه باستغلال بعض المرشحين هجوم الشانزليزيه لأغراض انتخابية. وكانت فرنسا قد دخلت مرحلة الصمت الانتخابي أول من أمس، في ظل حالة استنفار أمني عقب هجوم شارع الشانزليزيه. واستكملت مراكز الاقتراع استعدادها لاستقبال الناخبين من أجل الإدلاء بأصواتهم، ودعا الرئيس فرانسوا هولاند مواطنيه للتوجه إلى صناديق الاقتراع، وأكد أنه سيتم عمل كل شيء لتأمين الاقتراع مع نشر خمسين ألف شرطي ودركي وسبعة آلاف عسكري.