قدّم الناقد الدكتور معجب العدواني خلال الحلقة النقدية، التي نظمها نادي جدة الأدبي الاربعاء الماضي ورقة نقدية بعنوان (التخيل غير الذاتي تراجع أم تطور) تناول فيها ظهور حركة ما بعد الحداثة، وشيوع سماتها التي تضمنت التشظي، والتشكيك في الحقائق وتفكيكها، والتركيز على ما هو محلي أو شعبي، ودعم الثقافات الفرعية للأقليات، مبينا ان الأجناس الأدبية اتجهت إلى البحث عن بدائل تستوعب متطلباتها، وتفي احتياجات الإنسان في هذه الحقبة، وكانت الرواية الجنس الأدبي الأكثر استيعابًا للمرحلة، فظهر منها ما كان متمازجًا مع كتابة الذات، وأُطلق عليه (التخييل الذاتي)؛ إذ يسجل أول ظهور لهذا النوع السردي مع (سيرج دوبرفسكي) في رواية صدرت له عام 1977م، ووسمها بعنوان Fils، ويترجم هذا العنوان المربك إلى الإنجليزية (ThreadsSon)، وإلى العربية ب (خيوط/ ابن/ أبناء). كان هذا العمل استثناء من المؤلف على ما اقترحه (فيليب لوجون) في ميثاق السيرة الذاتية وتعقيبًا عليه، فقد مزج فيه بين الرواية والسيرة الذاتية. بعد ذلك تحدث الدكتور العدواني عن عمل روائي جزائري «ليلة الريّس الأخيرة» المكتوب بالفرنسية، أحد أهم الأعمال، التي يستند إليها هذا النوع من الكتابة الروائية التجريبية، إلى جانب أعمال فرنسية أخرى لكتّاب آخرين. واشار عبر اجابة عن اسئلة طرحها الى ان التخييل غير الذاتي يتفق مع التخييل التاريخي، اذ يستندان أولًا إلى التخييل وينهلان منه، ويستمدان منه حضورهما لكنهما يختلفان في كون الأول مشتق من الإبداع نفسه، والآخر مشتق من النظرية، وفي سؤال عام يتصل بمستقبل السرد، ويستشرف آفاقه في ضوء الإيقاع السريع لتحولات يشهدها السرد من الرواية المضادة، والميتاتخييل، والتخييل الذاتي، قال: إلى أين يتجه السرد بعد أن استكمل الفجوات السابقة؟ وهذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه، أو التنبؤ بمعطياته دون التعرف على العوامل المؤثرة فيه، وربما كان من أبرز تلك العوامل البعد الاستهلاكي الذي ينحو إليه، وهو ما أشار إلى بعض ملامحه الفرنسي (رولان بارت) قبل عقود. وشهدت الحلقة، التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة من الحضور.