«فالموت يا أخي حق»، يأتي فجأة دون مقدمات ويلفنا بصمت وسكون، وقدر محتوم لا نملك له تغييرا.. ولعل من الغريب ألا يدرك الإنسان في زحمة الحياة، قيمة لحظات الحياة إلا عندما يعلم أن الموت يا أخي حق.. ويُختصر العُمر بٍساعةٍ أو أقل.. هكذا رحلت.. في ومضةٍ من الزمن، دون سابقِ إنذار.. اختطفك المرض، وغيبك الموت.. ولكن.. رحماك إلهي.. نحمدُ الله على كل حال ونؤمن بقضائه وقدره.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ولله ما أخذ، ولهُ ما أعطى، وكُلُ شيءٍ عِندهُ إِلى أجلٍ مُسمى.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. أخي الحبيب.. ما زلت في كل الحنايا ساكنا كل الصدور، حي أنت يا أخي حسين.. ورغم قسوة المرض، وقسوة رحيلك إلى الأبد، ستبقى في قلبي من عينيك ألف ذكرى، ومن ابتسامتك ألف حكاية، وكأنها ذات اللحظات بكل الذكريات، ورغم أن الثرى قد واراك، فأنت لا تزال حاضرا ببشاشة وجهك وطيبة قلبك وروحك المرحة، وما أزالُ أتتبع في أنحاء منزلنا القديم أثر خطوات طفولتنا، وفي خبايا قلبي أحتفظ بكل شيء، سيكون حضورك هاهُنا كالسراب.. غير أنك باقٍ دوما في قلوب الأحباب.. ملامِحُك، وبياض قلبك، ابتسامتكُ، وسماحة وجهك هي ذكرى فرحة في كل الأوقات، وذلك الطريق المُمتد بيننا يحكي قِصة طفولتنا ونشأتنا، أخوتنا وصداقتنا في دروب الحياة. أخي الغائب الحاضر.. حسين.. أعلم أنك لن تقرأ حرفا مما أكتب.. ولكني أكتب كي أراك في حروفي وكلماتي.. فعند الفراق، والرحيل، والوداع ليس للروح المفارقة لأحبتها إلا أن تشعر بمس الفناء لأن روحا عزيزة فارقتها، ففي الموت يُمسُ وجودنا، وفي الفراق تُمس أرواحنا، وكأن غياب الروح حين موتها هو الذي يلمسنا عند الفراق بأطراف أصابعه.. أخبرني يا أخي الحبيب ما الذي حدث في الدنيا يوم غادرتنا ذاك الصباح؟ لماذا مشاعري يتيمة تتجول في خاطري كالغرباء، وذكرياتي تئن في شرفتي وتجهش بالبكاء؟ وأخبرني أين أرسم علامات استفهامي؟ والكل في حالة ذهول، الكل في حالة صمت وسكون.. إذا هو الموت، هو الموت يا أخي حق بكل مرارته، لكن الموت هذه المرة ليس نبأ يصلني فأستقبله بالدموع، فالموت هذه المرة يا أخي يختلف.. الموت هذه المرة هو.. أنت.. فتصور حين يكون الموت هو.. أنت.. تصور حين يكون النبأ الحزين هو.. أنت.. تصور حين يكون ذلك النائم بلا روح هو.. أنت!! فأي الحروف تسعفني عندها؟ وأي الكلمات تغيثني؟ أواه يا أخي الحبيب.. نم بسلام.. على قلبك السلام.. انتهت الحكاية يا أخي.. والمرض كان فيها بطلا.. والموت كان فيها الختام.. رحلت إذا.. رحلت كأسرع ما يكون الرحيل.. كنت رائعا في كل شيء.. مختلفا في كل شيء.. أخا في كل شيء.. وكان لا بد للعمل المميز في هذه الحياة من أن تكون هناك لك بصمة فيه رحمك الله، فمثلك لا تودعه الحياة إلا رافعا رأسه بفخر أفعاله وأعماله الخيرية وأياديه البيضاء الممتدة بالخير للجميع.. ومثلك لا يودع الحياة إلا لحياة أجمل وأبقى بإذن الله.. رحمك الله يا أخي العزيز حسين، رحمك الله يا من كنت أنيسا لوحدة الطريق.. وكان حديثك سلوى لغربة الحياة.. وكان عطر ابتساماتك فواحا في أصعب الظروف.. وطيب كلامك مؤنسا في مطبات الدروب.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وختاما... أتوجه بالشكر الجزيل لكل من واسانا في مصابنا الجلل بفقيدنا الغالي حسين أباحسين، راجين من الله أن لا يري أحدا مكروها في عزيز لديهم،،، أخوك خلدون أباحسين،،،