نشرت صحيفة «عكاظ» في عددها يوم أمس الأول عن صدور توجيهات عليا بمحاصرة التعصب الرياضي بالسعودية، وتشكيل لجنة تقودها وزارتا الداخلية و«الثقافة والاعلام» لرصد كل ما يؤدي إلى التعصب الرياضي في وسائل الإعلام المختلفة، وحصر قائمة المتعصبين، واتخاذ الاجراءات العاجلة حيالهم. هذا التوجيه المهم، والذي صدر في التوقيت المهم أيضاً، وفي المرحلة الأكثر خطورة، لم يكن ليأتي لولا وصول مرحلة الكراهية في المجتمع الرياضي إلى خطها الأحمر الذي لا يطاق، الخط الذي سئمنا ونحن نحذر من الاقتراب حوله، والمساس به، في وقت تساقطت فيه كل الاخلاقيات والقيم، حتى أصبحت من التراث الذي فقدناه في لحظة ضعف غير محسوبة. أتفهم جيداً ضرورة وجود تنافس شرس بين الاندية، جماهير.. ومسؤولين.. و«التابعين» لهم من الصحفيين، وأتفهم أيضاً أهمية اختلاق الأزمات والاستعانة «بالبهارات» التي يجب أن تضاف لتسويق الأندية، وقضاياها، وإخفاقات مسؤوليها، كل ذلك أتفهمه جيداً. لكن ما لم أستطع أن أستوعبه، هو التجييش الإعلامي الحاصل بهذه الطريقة المؤذية التي لا يقبلها الأسوياء، طريقة البحث عن «الشعبية» والتسلق على اكتاف المبادئ والقيم، الطريقة التي أنتجت لنا صنفاً رديئاً من المخرجات، وجيلاً مريضا غير قادر على مواكبة المرحلة. لقد تحول المجتمع الرياضي -وفي غفلة عين- إلى ساحة من التصفية، وتقسيم المجتمع إلى «مع.. وضد»، إنها الجاهلية الرياضية التي لا ندري أين ستعصف بنا رياحها. ليس مهماً اليوم أن نبحث لنحاسب المتسبب فيما حدث، فالمتعصبون الأوائل سلموا المهمة «للمتعصبين الجدد» بنجاح، وإن اختلفت المرحلة وارتفع معها أذى التقنية الحديثة، ولذلك فإن حصر القائمة السوداء لمثيري النعرات الرياضية لن يجدي ما لم نبدأ بالعلاج. أقول: ليس مهما أن نبحث عن المتسبب، بقدر أهمية محاربة هذا الفكر قولا وعملا، فليسقط وقتها من يسقط، فسلامة المجتمع وشبابه أولا، ولا مكان هنا للمتأزمين. ينبغي علينا أن نتصالح مع أنفسنا قبل الآخرين، هذا إن أردنا أن ننجح في تقديم أكبر قدر ممكن من الحقيقة، وحقيقتنا اليوم واضحة أمام الناس وضوح الشمس، ومع ذلك فلا بأس من أن نتصارح لنتصالح، فالمصلحة العامة تتطلب ذلك. وعلى المحبة نلتقي،،،