يعتبر الحكم النهائي الذي صدر من هيئة سوق الأوراق المالية ضد كل من شركة المعجل وشركة ديلويت من أكثر الأحكام الصارمة منذ تأسيس هيئة سوق الأوراق المالية السعودية حتى اليوم، وذلك لقوة قرار التعويض والغرامة والسجن لحفظ مصلحة الوطن والمتداولين والمستثمرين في الشركة. إن ما جرى في الشركة من تدليس وتضليل في القوائم المالية أدى إلى تكبد المستثمرين والمتداولين خسائر كبيرة، ناهيك عن ما أدى إليه هذا التدليس من ضعف في ثقة المتداولين في السوق المالية بسبب التصرفات والسلوكيات والممارسات المخالفة لأنظمة ولوائح وزارة التجارة والاستثمار وهيئة السوق المالية. وتحرص المؤسسات الحكومية المعنية بحوكمة الأداء والقوائم المالية، مثل: وزارة التجارة والاستثمار وهيئة سوق المال، على نزاهة نظام وأداء الشركات والذي ينعكس بشكل ايجابي على صحة التقارير والتصريحات وبالتالي تزيد من الثقة في سوق الأسهم، لذلك تلجأ هيئة سوق الأوراق المالية إلى معاقبة الأفراد والشركات التي تخالف الأنظمة لتحقيق مكاسب مالية بطرق غير مشروعة وغير اخلاقية ما يؤثر سلباً في الاقتصاد السعودي والمستثمرين والمتداولين الذين تضللهم المعلومات والتقارير المدلسة التي تهدف إلى تحقيق مكاسب غير نظامية. ولقد نصت الفقرة (أ) من المادة التاسعة والأربعين من اللائحة المنظمة لسوق المال على أنه يعد مخالفا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدا بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعًا غير صحيح أو مضلل بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها. هذه اللائحة تختص بالشركات والأفراد داخل المملكة، لكنها بعيدة عن الملاحقة القانونية الدولية لما يصدر من تدليس وتضليل من الأفراد والشركات العربية والأجنبية خارج المملكة، حيث لا يوجد في الأنظمة عقاب صارم وواضح ضد الممارسات المحتملة المخالفة للأنظمة والقوانين في السوق المالية السعودية، خاصة بعدما فتحت السوق المالية الفرصة الجزئية لتداول الأجانب في السوق المالية السعودية. الحقيقة أن العديد من الشركات الخليجية والعربية والأجنبية تصرح بين الحين والآخر عن السعر العادل (المدلس والمضلل) لسهم ما أو تلمح بالدخول فيه بالشراء أو الخروج منه بالبيع بسعر محدد، حيث توجه المتداولين نحو السهم أو بعيدًا عنه بهدف خدمة المضاربين أو الصناديق أو صناع السوق في ذلك السهم. فإذا أرادت بعض الصناديق أو بعض المضاربين الصعود بالسهم فإنهم يوعزون لشركات تقييم خارج المملكة بإصدار تصريحات تضليلية موجهة للمتداولين الصغار من الأفراد لتشجيعهم على شراء السهم لتقوم الصناديق المحلية والمستثمرون الأجانب بتصريف السهم عليهم والخروج منه قبل خروج صغار المتداولين لأن التقرير حدد السعر المستهدف (سعر التدليس) الذي لا يزال المتداولون ينتظرونه فيتعلقون في السهم بسعر عالٍ. وقد يعود المضارب لتصريف السهم فوق السعر الذي جاء في تقارير التدليس ليخرج منه بعض صغار المتداولين الذين انتظروا الخروج منه لفترة طويلة من غير تحقيق مكاسب تذكر، بل قد يخسرون في معظم الحالات، لكن الذين لم يتعلقوا في السهم في الفترة السابقة ستضللهم المعلومات التي أصدرتها شركات الوساطة الأجنبية في التقارير المدلسة ليتعلق فيه صغار المتداولين بعد هبوط حاد سببته الصناديق والمضاربون وشركات الوساطة الأجنبية التي تقدم المعلومات المدلسة من خارج الحدود. نأمل من هيئة سوق المال إصدار لوائح قانونية ملزمة لشركات تقييم الأسهم خارج المملكة؛ لمنعها من إصدار معلومات مضللة تضر بالمتداولين. ولا نشك في مصداقية بعض الشركات المتخصصة في تقييم أسهم الشركات في المملكة، لكننا ندرك لعبة التدليس والاحتيال التي تصدر من وراء الحدود سواءً بتقارير أو رسائل جوال توجه المتداولين لصالح الصناديق الكبيرة وصناع سوق الأسهم والمضاربين فيه ليكسبوا بطرق غير مشروعة على حساب صغار المتداولين الذين يشكلون نسبة كبيرة في الاقتصاد الوطني.