تحدثت في الأسبوع الماضي عن نقاط مهمة؛ لإعادة ثقة المستثمرين بسوق الأسهم السعودية. واليوم أكمل الموضوع في نفس السياق والشأن بأهمية توعية المستثمرين بأمور بالغة الأهمية، ومنها: استطلاع انطباعات وسلوكيات المتداولين حول أي قرار يمسهم قبل تطبيقه؛ لأن نفسية المستثمر تؤثر على التداول سلباً أو إيجاباً. إن استطلاع آراء المتداولين عن القرارات التي تتعلق بهم، بموضوعية وشفافية، قبل إصدار الأنظمة واللوائح المنظمة للتداول، سيكون له الأثر الإيجابي عليهم. إن تدخل هيئة سوق المال في تحديد تذبذب سعر السهم في مستويات سعرية من غير معرفة بتبعات التدخل؛ يشير إلى ضعفها في هذا الشأن. والجدير بالذكر هنا، أن جميع اللوائح والأنظمة في مجملها عقابية وليست تحفيزية، لتزيد من ثقة المتداولين بالسوق المالية. وأرى أهمية إعادة النظر في التركيبة التنظيمية لهيئة سوق المال وأنظمتها؛ لتشمل استقطاب خبراء في الأسواق المالية العالمية، وكذلك تستقطب متخصصين في علم النفس؛ لتقديم المشورة للهيئة بخصوص تأثير الأنظمة واللوائح على الحالة النفسية للمتداولين؛ حتى لا ينهار السوق مرة أخرى، بسبب ضعف ثقة المتداولين في سوق الأسهم. وهنا تختار هيئة سوق المال القرار الصحيح والوقت المناسب والآلية الفاعلة، بناء على استشارة المتخصصين في علم النفس والسلوك الإنساني، إلى جانب المتخصصين في الاقتصاد والمالية. وليس بالضرورة أن تركز الهيئة على جانب الحد من المضاربة، بل يجب عليها تحفيز المتداولين على الاستثمار في المدى البعيد والمضاربة المتوازنة في المدى القصير. التداول اليومي ليس بالضرورة للاستثمار وإنما للمضاربة المتوازنة. وما يحدث اليوم في سوق المال من مضاربة مجنونة للخروج من السوق بسرعة؛ بسبب المخاوف من تصريف الصناديق لأسهمها بسرعة مذهلة. وهنا سؤال فهل تستطيع هيئة سوق المال معاقبة الصناديق الكبيرة أسوة بصغار المضاربين؟ ولتعلم هيئة السوق المالية أن سوقنا المالية ناشئة لا يمكن أن نطبق عليها لوائح وأنظمة الأسواق الناضجة بكثافة وسرعة؛ لأن تكلفة ذلك على السوق أكثر من فائدته. المستثمرون من المتداولين في السوق المالية يبحثون عن بيئة مستقرة، تساعد على تنمية استثماراتهم، لكنهم يفقدون الثقة عندما يرون استثماراتهم تتراجع بعد مرور عام أو عامين، بل تبخرت استثمارات الكثير منهم، حيث يقول احد المستثمرين الكبار إنه فقد ثقته في سوق المال السعودية وإنه سيتجه للاستثمار في الأسواق الأجنبية. الشفافية في الأهداف من اللوائح والأنظمة ضعيفة في هيئة سوق المال بالرغم من أنها تصرح بها، وذلك لأنها تصرح بالشفافية السلبية التي تخوف المستثمرين والمضاربين ولا نراها تصرح بما يقوي ثقتهم بالسوق المالية السعودية التي يدعمها الاستقرار السياسي والاقتصادي لبلادنا. ما يحدث في سوق الأسهم السعودية من تراجعات حادة ومتتالية حتى يومنا هذا، لا يغرس الثقة أو يزيدها في نفوس المتداولين، سواء كانوا استراتيجيين أو قصيري المدى.