يعد التدليس والتضليل في سوق المال السعودية من التصرفات المخالفة لأنظمة ولوائح هيئة سوق المال التي تحرص على معاقبة الأفراد والشركات التي تخالف الأنظمة لتحقيق مكاسب مالية على حساب المتداولين الذين تضللهم المعلومات والتقارير المضللة والمدلسة لبيع أو شراء الأسهم. ولقد نصت الفقرة (أ) من المادة التاسعة والأربعين من اللائحة المنظمة لسوق المال على أنه يعد مخالفا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدا بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعا غير صحيح أو مضلل بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها. هذه اللائحة تختص بالشركات والأفراد داخل المملكة، لكنها بعيدة عن الملاحقة القانونية الدولية لما يصدر من تدليس وتضليل من الأفراد والشركات العربية والأجنبية خارج المملكة، حيث لا يوجد في الأنظمة ما يعاقبون عليه، خاصة عندما تفتح السوق المالية لهم قريباً. الحقيقة أن العديد من الشركات الخليجية والعربية والأجنبية تصرح بين الحين والآخر عن السعر العادل لسهم ما أو تلمح بالدخول فيه بالشراء أو الخروج منه بالبيع بسعر محدد، حيث توجه المتداولين نحو السهم أو بعيداً عنه بهدف خدمة المضاربين أو الصناديق وصناع السوق في ذلك السهم. فإذا أرادت بعض الصناديق أو المضاربين الصعود بالسهم فإنهم يوعزون لشركات تقييم الأسهم خارج المملكة بإصدار تصريحات تضليلية موجهة للمتداولين الأفراد لتشجيعهم على شراء السهم لتقوم الصناديق بتصريفه عليهم والخروج منه قبل خروجهم لأن التقرير حدد السعر العادل المستهدف (سعر التدليس) الذي لا يزال المتداولون ينتظرونه فيتعلقون فيه بسعر عال. وقد يعود المضارب لتصريف السهم فوق السعر الذي جاء في تقارير التدليس ليخرج منه بعض صغار المتداولين الذين انتظروا الخروج منه لفترة طويلة من غير تحقيق مكاسب تذكر، بل قد يخسرون في معظم الحالات، لكن الذين لم يتعلقوا في السهم في الفترة السابقة ستضللهم المعلومات المضللة في تقارير شركات الوساطة الأجنبية ليتعلقوا فيه بعد هبوط حاد من قبل الصناديق والمضاربين. وللبنوك والصناديق الكبيرة دور كبير في ما يحدث من تدليس وتضليل واحتيال على صغار المتداولين في سوق الأسهم، بل تضرر من ذلك كبار المستثمرين. وقد ساهمت بعض البنوك في انهيار سوق الأسهم في فبراير 2006م بقوة لأنها كانت تسيل محافظها بسرعة وبكميات كبيرة هوت بالأسعار إلى مستويات منخفضة جداً في فترة قياسية قصيرة. ونأمل من هيئة سوق المال إصدار لوائح قانونية ملزمة لشركات تقييم الأسهم خارج المملكة لمنعها من إصدار معلومات مضللة تضر بالمتداولين. ولا نشك في مصداقية بعض الشركات المتخصصة في تقييم أسهم الشركات في المملكة، لكننا ندرك لعبة التدليس والاحتيال التي تصدر من وراء الحدود سواءً بتقارير أو رسائل جوال توجه المتداولين لصالح الصناديق الكبيرة وصناع السهم والمضاربين فيه ليكسبوا بطرق غير مشروعة على حساب صغار المتداولين الذين يشكلون نسبة كبيرة في الاقتصاد الوطني.