كثير من الناس يتسمون بعدم القدرة على تقبل النقد، وبعض هؤلاء يبادر باتخاذ المواقف الدفاعية مع أول انتقاد يوجه له، والبعض الآخر يتجاوز هذه المرحلة ويسارع بالهجوم على الطرف الذي وجه له النقد، ليؤكد انه فوق النقد، ويرى انه معصوم لا يجوز لاحد ان ينتقده على ما يفعل، وكل ذلك خطأ كبير خصوصا ممن يتصدون للشأن العام، اذ عليهم ان يكونوا مستعدين لسماع النقد للارتقاء بعملهم، من خلال التسلح بالروح الرياضية وسعة الصدر والقدرة على الاستيعاب، ولنتذكر جميعا القول المأثور «من حذرك كمن بشرك» ومعلوم أن النقد تحذير، ولذلك فهو بشارة لمن يوجه له، لانه يعينه على تصحيح الخطأ والعودة عن الباطل. يكون الأمر أشد خطورة عندما يصدر ذلك من جهات خدمية، فلو استعرضنا ما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة، لوجدنا الكثير منها يركز على كشف مواطن الضعف والمطالبة بإصلاحها، الا ان التجاوب من تلك الجهات يكون معدوما، فكل الجهات ذات العلاقة بالجمهور، تكون محل تساؤل وعدم رضا من بعض المستفيدين من خدماتها، كما نلمس عبر ما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة، الا أن التجاوب من هذه الجهات يكون غير مرضٍ، وقليلا ما تتفاعل مع ما يوجه لها من النقد الذي يهدف الى الارتقاء بخدماتها، فلو قمنا باستعراض ما ينشر وما يتجاوب معه، نجده قليلا جدا، في حين يكون معظم الردود للدفاع فقط. صحيح ان للنقد اُسلوبا يجب ان يتحلى به من أراد ان ينقد الآخرين، ويدرك الفرق بين النقد والانتقاد، فالنقد هو وصف للتصرفات السلبية والإيجابية بطريقة ودودة ترمي إلى التصحيح والتصويب في حال وجود الخطأ وإلى الاستمرارية في حال وجود نجاح، أما الانتقاد فهو تصيد مقصود للأخطاء هدفه إظهار السلبيات والتشهير بالآخرين. النقد الهادف والبناء يراد منه إبراز الشخصية وإعطاؤها دافعا للتقدم إلى الأمام دون تجريح أو تقليل من شأن هذه الشخصية، ويعتمد أسلوب الناقد على عدة عوامل منها اختيار الأسلوب اللائق للنقد واختيار الألفاظ بدقة متناهية، وذلك لجعل الطرف الآخر يتقبله بصدر رحب وأن يكون النقد شاملا للموضوع فلا ينتقد جزءا ويترك الجوانب الإيجابية دون مدح وإطراء. أخيرا جميعنا نتعلم من الاخطاء التي نرتكبها وان التعامل مع الانتقاد الموجه لنا بأسلوب ايجابي من الطرق التي يمكن الاستفادة منها لتطوير علاقاتنا الشخصية مع الآخرين.