يرفع بعض الناس شعار (لا تنتقد لكي لا تنتقد) ولكن هذا شعار خاطىء لأن هناك امورا لابد من تصويبها، ويلجأ البعض الأخر الى النقد الهدام الذي يمارس بطريقة سيئة حيث يقوم على تصيد أخطاء الأخرين وفضحهم وذلك ايضا خطأ لأن النقد يجب ان يكون موجها للفعل وليس للفاعل. اما المقصود بالنقد الذي لابد من ممارسته ذلك النقد الذي يسعى للصعود بالنفس البشرية والارتقاء بها الى أعلى النقد الذي لا يتم فيه ايذاء مشاعر الأخرين بل القيام بمساعدتهم على الأداء الافضل والأرقى، واذا أردت ياعزيزي القارىء أن تمارس النقد البناء الناجح فعليك ان تتذكر دائما ما يدور بين الطيار وبرج المراقبة.. هدف النقد هو تصحيح المسار والوصول بالطائرة وركابها الى ارض المطار بسلام وأمان فاذا ابتعد الطيار عن المسار الصحيح والموضوع فان برج المراقبة يبادر على الفور باحاطته علما بذلك واذا هبط بانخفاض شديد فان البرج يبادر باعلامه فورا ومع ذلك لم نستمع يوما لشكوى من طيار بالحرج من تعليمات البرج ويتساوى في ذلك الطيار المستجد وكبير الطيارين على حد سواء. واذا أردت ان تكون مثل برج المراقبة فاعلم اولا وقبل كل شيء ان برج المراقبة في توجيهاته للطيارين يعتمد على الحقائق المجردة وليس على الآراء الشخصية على الاطلاق وانت لابد ان تكون كذلك وانت تمارس نقدك البناء للأخرين لابد ان تعتمد على الحقائق المجردة لا على أرائك او احساساتك المجردة كما ان اسلوب التقويم الذي يحدث بين برج المراقبة والطيارين يعتمد على أسلوب علمي متعارف عليه عالميا يخلو من الزجر او الاتهام كما ان النقد وتصحيح المسار لا يتم بصورة صاخبة او عبر ميكروفونات يسمعها طاقم الطائرة او طاقم الضيافة او الركاب ولكن يتم في صورة تتمتع بالخصوصية الشديدة جدا بين الطيار نفسه وبرج المراقبة من خلال السماعة الشخصية التي يضعها الطيار في اذنه ولا يسمعها أي شخص أخر غيره. الأهم من ذلك كله أن برج المراقبة ينتقد ويصحح مسار الطائرة ولا ينتقد الطيار كشخص.. انه ينتقد التصرف دون الشخص وهكذا يجب أن يكون كل نقد بناء والسبب الرئيسي في ضرورة سرية النقد انه الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها ان يترك نقدك البناء اثرا طيبا في نفوس الأخرين كما ان السرية تضمن تجنيب ذات الأخر الذي تنتقده من الاشتباك مع ذاتك او الوقوف ضدها وعليك دائما ان تتذكر كيفية احساس وشعور الانسان الذي تقوم بانتقاده. وبالطريقة المثلى للنقد البناء ان تقدم له بكلمة رقيقة او ثناء لطيف حتى توجد جوا من المحبة والألفة والود وتمحو فكرة الهجوم على الطرف الأخر وانك بذلك تقوم باخراج افضل مافيه من مشاعر نحوك وان قدمت على نقده بعد ذلك فأنه سيكون متفهما لاسباب انتقادك الشخصي له والنابع من حرصك عليه وحبك له ولابد لك عندما تقوم بانتقاد احد على خطأ ارتكبه عليك ان تخبره بالكيفية التي يمكن بها تصحيح ذلك الخطأ ولا ينبغي على الاطلاق التركيز على الخطأ نفسه بل يكون التركيز على طرق ووسائل اصلاح ذلك الخطأ وتجنب تكرار حدوثه.. وعليك ان تراعي دائما وانت تنتقد الأخرين قصة الطيار وبرج المراقبة وان يكون انتقادك للتصرف أو السلوك وليس للشخص ذاته على الاطلاق لأنك عن طريق ذلك تتجنب تصادمه النفسي معك وترفع من ذاته في نفس الوقت.. واياك ان تنتقد الخطأ الواحد اكثر من مرة لانك ستدخل في دائرة اصطياد الأخطاء وليس النقد البناء على الاطلاق. اتها القواعد الذهبية للنقد البناء الذي يجعلك تشارك الأخرين مشاركة ايجابية في كل المواقف. @@ محمد وراد الرويلي - القريات