ما من موظف إلا ويتقاعد منهياً بذلك خدماته الوظيفية ليبدأ مرحلةً جديدة مستفيداً من خبراته العملية وتجاربه الحياتية، والموظف هنا يتقاعد بدنه فقط، بينما يستمر عطاؤه في ميادين أخرى ومعها تبدأ نظرة المجتمع العربي بتوجيه رسائل سلبية بأن دوره قد انتهى، فعليه أن ينتظر دار البقاء، هذه هي السمة الغالبة في الوطن العربي عامةً، ويستجيب البعض لهذه المطالبات فتنطفئ أفكاره، في حين أن هناك مَنْ نراه وقد أصبح أكثرعطاءً من كثير من الشباب. سيدة من هونج كونج أحالوها إلى التقاعد عند الخامسة والستين خططت جيداً ووضعت أهدافها بوضوح وسعت لتنفيذها، في السنة الأولى تجولت في مناطق بلادها السياحية والتاريخية فنشرت كتابها الأول بأسلوب ممتع، جنت أرباحًا وشهرة لم تتوقعها، في السنة الثانية قدمت للحصول على رخصة للقيادة وخلال شهور كانت السيارة والرخصة معاً بحوزتها، أما في السنة الثالثة فقضتها في بريطانيا، وعادت تتحدث الإنجليزية بمستوى متميز، وعادت وفي ذهنها تأليف كتب أخرى! ماذا بعد: حذار أن يتقاعد بدنك عن العطاء (وتذكر الفسيلة عند قيام الساعة)، وحذار أن يتقاعد عقلك، فالبطالة تُضمر العقل، والحذر كل الحذر أن يتقاعد قلبك فيشيخ ويتوقف عن حب الحياة، فتكون حينها ركاماً فوق حطام!!.