بدأ إسحاق نيوتن في قراءة الكتب بنهم شديد عندما كان في الثانية عشرة من عمره، وزاد من وتيرتها بعد التحاقه بالجامعة حتى تمكن من إحداث انقلاب علمي عندما اكتشف قوانين الجاذبية والحركة. وكان هدف نيوتن- الذي يعتبر من أعظم علماء الفيزياء- من القراءة آنذاك الوصول إلى حقائق علمية جديدة، وقال كلمة شهيرة «إن توصلت لشيء فذلك لأني أقف على أكتاف العمالقة». وما قيل حينها عن هذه العبارة أنه كان يقصد بأنه استفاد ممن سبقوه سواء من انجازاتهم العلمية المتحققة بالفعل أو نتيجة اطلاعه وقراءته لما كتبوه. وهو بالطبع تواضع جم من عملاق كنيوتن قد يكون تحصل عليه كنتيجة غير مباشرة من اطلاعه وقراءته. هذا نموذج فقط للأسباب التي دفعت أحد العظماء للقراءة وهو اكتشاف بعض قوانين الفيزياء، لكن الناس يقرؤون لأسباب متعددة.. فمنهم من يقرأ لكي يستمتع، ومنهم من يقرأ لكي يتزود بالعلوم والمعرفة، ومنهم لأنه اعتاد على ذلك، ومنهم لكي يفيد منها في مجال عمله، ومنهم لكي يكتب أفضل، ومنهم لحاجة اجتماعية أو سياسية أو دينية أو بحثية، ومنهم لكي يملأ وقت فراغه، أو لكي يهرب من همومه وربما لكي يضحك، ومنهم لكي ينام! ومهما كان دافع القراءة فإنه أمر حسن ومفيد، وأنى كان الباب الذي يلج منه القارئ إلى القراءة فإنه سوف يؤدي الغرض منه وهو الاستفادة من العلوم والمعارف ومن تجارب وأفكار من سبقوه. وفي قراءة سريعة لسير العظماء في التاريخ يتبين لنا أن لديهم قاسما مشتركا يجمعهم وهو القراءة أو التزود بالعلم. وتروي بعض كتب التاريخ أن القائد العسكري الاسكندر- الذي سيطر في زمانه على أغلب بقاع العالم جغرافيا- عاش في زمن تألقت فيه اليونان في القراءة، وقيل إنه كان من تلامذة أرسطو أبو القراءة والفكر والفلسفة، والذي حين سئل: كيف تحكم على إنسان؟ أجاب: أسأله كم كتاباً يقرأ؟ وماذا يقرأ؟ وربما كانت القراءة أحد أسباب طموح هذا القائد العسكري كما حللها بعض المؤرخين. أما الفيلسوف الباكي الغامض (هيراقليتوس) فقد قال: لو خيرت بين عرش فارس وفكرة جديدة أقع عليها لاخترت الفكرة، بينما يقرأ الفيلسوف الألماني شوبنهاور لكي يخفف من آلامه ويأسه (لم تمر بي أبدا أية محنة لم تخففها ساعة أقضيها في القراءة).