بعد الاتفاق بين الدول المصدرة للنفط، داخل منظمة «أوبك» وخارجها، على تخفيض الإنتاج النفطي، بدأت أسعار النفط تتعافى، ووصلت إلى 55 دولارا للبرميل، فيما يتوقع خبراء ومحللون مختصون أن يصل سعر البرميل إلى 60 دولارا خلال الربع الأول من عام 2017، ويتوقع بعضهم أن يواصل السعر ارتفاعه، ليبلغ 70 دولارا مع النصف الثاني من هذا العام. يشير هؤلاء إلى أن الطلب سيستمر في النمو، وأن الحديث عن ضعف الطلب أو انحساره غير دقيق، فالولايات المتحدة مثلا تستورد 8 ملايين برميل يوميا، مع أنها تنتج النفط، لكن الأهم من الطلب الأمريكي على النفط هو الطلب الصيني، ومؤسسة النفط الوطنية الصينية تقول إن وارداتها من النفط سترتفع 5.3٪ خلال العام الجاري. تخمة المعروض النفطي، التي كانت سبباً في تراجع الأسعار، يبدو أنها ستنتهي قريباً، لكن بعض الخبراء لا يرون أن التحسن في السعر سيقف عند هذا الحد، فالوكالة الدولية للطاقة تتوقع ارتفاعاً صاروخياً في سعر البرميل خلال الفترة القادمة، وسيكون أعلى من أي ارتفاعٍ تلا هبوطا في الأسعار سابقا. السبب يعود لتراجع الاستثمار في قطاع النفط إلى أدنى المستويات في ستين عاما خَلَت، وغياب اكتشافاتٍ نفطية جديدة، فالاستثمارات العالمية في مجال الطاقة تراجعت، بحسب أرقام الوكالة، من 780 مليار دولار، إلى 450 مليار دولار، خلال العامين الماضيين، اللذين شهدا هبوطاً كبيراً في الأسعار، كما أن معدل نضوب آبار النفط الحالية بلغ 9٪ سنوياً، وكل هذا يعزز ضعف القدرة على تلبية الطلب على النفط في حال زيادته. ما سيتم افتتاحه من مشاريع نفطية في العالم في الفترة القريبة القادمة، ستكون مشاريع تم العمل فيها من مرحلة طفرة الأسعار، فيما ألغيت مشاريع استثمارية ضخمة خلال العامين الماضيين. ما زال النفط المصدر الأول للطاقة، وحتى الآن لا تتمكن «الطاقة البديلة» من تقليل الاعتماد العالمي عليه، والنمو في الطلب على النفط منطقي بالنظر إلى نمو الاستهلاك في الصين والهند، ولو بقيت معدلات الاستهلاك العالمي على حالها، فإن تراجع الإنتاج النفطي سيفرض نفسه على السوق، خاصة مع تراجع طاقة الإنتاج الاحتياطية في العالم، وكل هذا يدعم التوقع بارتفاع كبير لأسعار النفط، قد يتخطى سعر البرميل قبل صيف عام 2014. إنْ صحّت هذه التوقعات، فمفاعيل أزمة الأسعار التي عايشناها في المملكة، كما في الدول المصدرة الأخرى، ستتراجع إلى حد بعيد، لكن حصول هزَّاتٍ اقتصادية من عدمه لا يعتمد على سعر النفط وحده.